إن الكلب الأسود البهيم شيطان فإنه يعني بالبهيم الذي لا يخالط لونه شيء غير السواد وكل شيء أسود لم يخالط لونه غير السواد فهو أسود بهيم ومن ذلك قول الشاعر في صفة ليل سواد لا ضوء فيه تطاول ليلك الجون البهيم فما ينجاب عن

فارغة فَهُوَ فجوة. وَمِنْه قَول الله - عز وَجل -: {وهم فِي فجوة مِنْهُ} يَعْنِي فِي نَاحيَة فسيحة خَالِيَة.

وَأما قَول عَليّ وَعُثْمَان " وادرأ مَا اسْتَطَعْت ": فَإِن مَعْنَاهُ: وادفع مَا اسْتَطَعْت من أَرَادَ أَن يمر بَين يَديك. يُقَال مِنْهُ: درأت عَن فلَان كَذَا، أدرأه عَنهُ دَرأ: إِذا دَفعه عَنهُ. وَمِنْه قَول الله - تَعَالَى ذكره -: " ويدرأ عَنْهَا الْعَذَاب ": يَعْنِي بِهِ: وَيدْفَع عَنْهَا الْعَذَاب.

وَأما قَول ابْن عَبَّاس: " جِئْت رَاكِبًا على أتان، وَقد ناهزت الْحلم ". فَإِن معنى قَوْله: وَقد ناهزت الْحلم: دَنَوْت مِنْهُ وقاربته. وأصل النهز: التَّنَاوُل. وَمِنْه قيل للرجل يتَنَاوَل حَاجته عِنْد تمكنه مِنْهَا: انتهز فرصته. وَمِنْه قَول سُؤْر الذِّئْب: ناهزت سُؤْر الذِّئْب عَنهُ الذئبا.

يَعْنِي: تناولته مِنْهُ وغلبته عَلَيْهِ.

وَأما قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الْكَلْب الْأسود البهيم شَيْطَان ". فَإِنَّهُ يَعْنِي بالبهيم: الَّذِي لَا يخالط لَونه شَيْء غير السوَاد. وكل شَيْء أسود لم يخالط لَونه غير السوَاد، فَهُوَ أسود بهيم. وَمن ذَلِك قَول الشَّاعِر فِي صفة ليل سَواد، لَا ضوء فِيهِ:

(تطاول ليلك الجون البهيم ... فَمَا ينجاب عَن صبح صريم)

وَأما قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فَجعل ينكه فِي وَجْهي كنكه القرد ": فَإِن النكه: هُوَ مَا يظْهر من بدن الْإِنْسَان من رَائِحَة الطَّعَام أَو الشَّرَاب من قبل فِيهِ كَهَيئَةِ الجشاء. وَمِنْه قَول عبد الله بن مَسْعُود حِين أُتِي بشارب، فَقَالَ: " استنكهوه، ومزمزوه ": يَعْنِي بقوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015