ما خص من هذه الأشياء بأنها تقطع الصلاة وقد يتوجه ذلك إلى معنى آخر وهو أن يكون معنى قوله في الكلب الأسود أنه شيطان أنه مثل الشيطان فيما يحدث بمروره بين يدي المصلي له من الشغل عن صلاته فيكون ذلك كقول العرب عبد الله أسد يراد به

فمن ذلك قول أبي جحيفة ثم دخل بلال فأخرج العنزة والعنزة قضيب في رأسه حديدة كهيئة سنان الرمح وهي التي تسميها العامة العكازة وأما قوله فركزها فإنه يعني به فغرزها في الأرض كما قال الفرزدق وصهب لحاهم راكزون

أنه يقطع الصلاة إنما قطعه إياها بمعنى السبب الذي بينه

من بَين سَائِر الْكلاب الَّتِي يُخَالف ألوانها ألوان السود؛ بِأَن قَالَ: " إِن الْكَلْب الْأسود شَيْطَان ". فَكَذَلِك الْمَعْنى فِي سَائِر مَا أخبر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه يقطع الصَّلَاة، إِنَّمَا قطعه إِيَّاهَا بِمَعْنى السَّبَب الَّذِي بَينه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْكَلْب، وَهُوَ أَنه شَيْطَان.

فَإِن قَالَ: أَو شَيْطَان: الْمَرْأَة وَالْحمار؟

قيل: إِنَّه لم يعن بِهِ، أَنه من شياطين الْجِنّ، وَإِنَّمَا عَنى بِهِ فِي الْحمار أَنه: من شياطين الْبَهَائِم، وَكَذَلِكَ عَنى فِي الْمَرْأَة أَنَّهَا من شياطين الْإِنْس، وَقد قَالَ جلّ ثَنَاؤُهُ: {وَكَذَلِكَ جعلنَا لكل نَبِي عدوا شياطين الْإِنْس وَالْجِنّ} . فَجعل من الْإِنْس شياطين. وَالْعرب تسمي كل متمرد من كل شَيْء شَيْطَانا، فَذَلِك - إِن شَاءَ الله، وَجه خُصُوص النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا خص من هَذِه الْأَشْيَاء بِأَنَّهَا تقطع الصَّلَاة.

وَقد يتَوَجَّه ذَلِك إِلَى معنى آخر، وَهُوَ: أَن يكون معنى قَوْله فِي الْكَلْب الْأسود أَنه شَيْطَان؛ أَنه مثل الشَّيْطَان فِيمَا يحدث بمروره بَين يَدي الْمُصَلِّي لَهُ من الشّغل عَن صلَاته، فَيكون ذَلِك كَقَوْل الْعَرَب: عبد الله أَسد: يُرَاد بِهِ أَنه مثله فِي الْبَطْش والشدة، لَا أَنه هُوَ بِعَيْنِه!

(" القَوْل فِي الْبَيَان عَمَّا فِي هَذِه الْأَخْبَار من الْغَرِيب ")

فَمن ذَلِك: قَول أبي جُحَيْفَة: " ثمَّ دخل بِلَال، فَأخْرج العنزة ". والعنزة: قضيب فِي رَأسه حَدِيدَة كَهَيئَةِ سِنَان الرمْح، وَهِي الَّتِي تسميها الْعَامَّة العكازة.

وَأما قَوْله: " فركزها " فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ: فغرزها فِي الأَرْض، كَمَا قَالَ الفرزدق:

(وصهب لحاهم راكزون رماحهم ... لَهُم درق تَحت العوالي مصفف)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015