فاشترت به نبيزاً ثم جاءت به» يعني الجبن.
وفي الجملة: فالكلمة بعد الكلمة من العجمية، أمرها قريب، وأكثر ما يفعلون ذلك، إما لكون المخاطب أعجمياً، أو قد اعتاد العجمية، يريدون تقريب الأفهام عليه، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص ـ وكانت صغيرة قد ولدت بأرض الحبشة لما هاجر أبوها ـ فكساه النبي - صلى الله عليه وسلم - خميصة وقال: يا أم خالد، هذا سنا»، والسنا بلغة الحبشة: الحسن. [البخاري5845]
وأما اعتياد الخطاب بغير اللغة العربية، التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن حتى يصير ذلك عادة للمَصْر وأهله، أو لأهل الدار، للرجل مع صاحبه، أو لأهل السوق، أو للأمراء، أو لأهل الديوان، أو لأهل الفقه، فلا ريب أن هذا مكروه فإنه من التشبه بالأعاجم، وهو مكروه كما تقدم، ولهذا كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا أرض الشام ومصر، وأهلهما رومية، وأرض العراق وخراسان ولغة أهلهما فارسية، وأهل المغرب ـ ولغة أهلها بربرية ـ عودوا أهل هذه البلاد العربية، حتى غلبت على أهل هذه الأمصار: مسلمهم وكافرهم، وهكذا كانت خراسان قديماً.