الوجه الخامس من السنة: أن أرض العرب ما زال فيها يهود ونصارى، حتى أجلاهم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في خلافته، وكان اليهود بالمدينة كثيراً في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان قد هادَنهم حتى نقضوا العهد، طائفة بعد طائفة، وما زال بالمدينة يهود، وإن لم يكونوا كثيراً، فإنه - صلى الله عليه وسلم - مات ودرعه مرهونة عد يهودي، وكان في اليمن يهود كثير، والنصارى بنجران وغيرها، والفرس بالبحرين، ومن المعلوم: أن هؤلاء كانت لهم أعياد يتخذونها، ومن المعلوم ـ أيضاً ـ أن المقتضي لما يفعل في العيد ـ من الأكل والشرب، واللباس والزينة، واللعب والراحة، ونحو ذلك ـ قائم في النفوس كلها إذا لم يوجد مانع، خصوصاً في نفوس الصبيان والنساء، وأكثر الفارغين من الناس.
ثم من كانت له خبرة بالسيرة، علم يقيناً أن المسلمين على عهده - صلى الله عليه وسلم - ما كانوا يشركونهم في شيء من أمرهم، ولا يغيرون لهم عادة في أعياد الكافرين، بل ذلك اليوم عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسائر المسلمين يوم من الأيام لا يخصونه بشيء أصلاً إلا ما قد اختلف فيه من مخالفتهم فيه، كصومه.