وصف - صلى الله عليه وسلم - أن الذين كانوا قبلنا كانوا يتخذون قبور الأنبياء والصالحين مساجد، وعقب هذا الوصف بالأمر بحرف الفاء، أن لا يتخذوا القبور مساجد، وقال إنه - صلى الله عليه وسلم - ينهانا عن ذلك. ففيه دلالة على أن اتخاذ من قبلنا سبب لنهينا، إما مظهر للنهي، وإما موجب للنهي، وذلك يقتضي: أن أعمالهم دلالة وعلامة على أن الله ينهانا عنها، أو أنها علة مقتضية للنهي.

وعلى التقديرَيْن: يُعلَم أنَّ مخالفتَهم أمر مطلوب للشارع في الجملة، والنهي عن هذا العمل ـ بلعنة اليهود والنصارى ـ مستفيض عنه - صلى الله عليه وسلم -، ففي الصحيحين، عن عائشة الله وابن عباس - رضي الله عنهما - قالا: لما نزل برسول الله - صلى الله عليه وسلم - طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه فقال ـ وهو كذلك ـ: «لعنةُ اللهِ على اليهودِ والنصارى: اتخذوا قبورَ أنبيائهم مساجد» يحذر ما صنعوا. [البخاري435،436،مسلم 531]

وفي الصحيحين ـ أيضاً ـ عن عائشة - رضي الله عنهما -: أن أم سلمة وأم حبيبة ذكرتا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كنيسة، رأَيْنَها بأرض الحبشة، يقال لها: مارية، وذكرتا من حسنها وتصاوير فيها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «

طور بواسطة نورين ميديا © 2015