وقد علم أن مالكاً من أعلم الناس بمثل هذه الأمور، فإنه مقيم بالمدينة، يرى ما يفعله التابعون وتابعوهم، ويسمع ما ينقلونه عن الصحابة وأكابر التابعين، وهو ينهى عن الوقوف عند القبر للدعاء، ويذكر أنه لم يفعله السلف.
وقد أجدب الناس على عهد عمر - رضي الله عنه - فاستسقى بالعباس - رضي الله عنه -. ففي صحيح البخاري عن أنس أن عمر استسقى بالعباس، وقال: «اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا»، فيُسْقَوْن. [البخاري1010] فاستسقوا به كما كانوا يستسقون بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في حياته، وهو أنهم يتوسلون بدعائه وشفاعته لهم، فيدعو لهم ويدعون معه، كالإمام والمأمومين، من غير أن يكونوا يقسمون على الله بمخلوق، كما ليس لهم أن يقسم بعضهم على بعض بمخلوق، ولما مات - صلى الله عليه وسلم - توسلوا بدعاء العباس واستسقوا به.
ولم يذهب أحد من الصحابة إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا غيره يستسقى عنده ولا به. والعلماء استحبوا السلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - للحديث الذي في سنن أبي داود عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما من أحد