نوائب غير ذلك، فهلا جاؤوا فاستسقوا واستغاثوا، عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ بل خرج عمر بالعباس فاستسقى به (?)، ولم يستسق عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ومن تأمل كتب الآثار، وعرف حال السلف، تيقن قطعا أن القوم ما كانوا يستغيثون عند القبور، ولا يتحرون الدعاء عندها أصلاً، بل كانوا ينهون عن ذلك من كان يفعله من جهالهم. فلا يخلو: إما أن يكون الدعاء عندها أفضل منه في غير تلك البقعة، أو لا يكون. فإن كان أفضل لم يَجُز أن يخفى علم هذا عن الصحابة والتابعين وتابعيهم، فتكون القرون الثلاثة الفاضلة جاهلة بهذا الفضل العظيم، ويعلمه من بعدهم.
ولم يَجُز أن يعلموا ما فيه من الفضل العظيم ويزهدوا فيه، مع حرصهم على كل خير، لا سيما الدعاء، فإن المضطر يتشبث بكل سبب، وإن كان فيه نوع كراهة، فكيف يكونون مضطرين في كثير من الدعاء، وهم يعلمون فضل الدعاء عند القبور، ثم لا يقصدونه؟ هذا محال طبعاً وشرعاً.