بيت بعض أصدقائه ودعا الله، لم يكن بهذا بأس.
ولو تحرى الدعاء عند صنم أو صليب، أو كنيسة، يرجو الإجابة بالدعاء في تلك البقعة، لكان هذا من العظائم، بل لو قصد بيتاً، أو حانوتاً في السوق، أو بعض عواميد الطرقات يدعو عندها، يرجو الإجابة بالدعاء عندها، لكان هذا من المنكرات المحرمة. إذ ليس للدعاء عندها فضل. فقصد القبور للدعاء عندها، من هذا الباب، بل هو أشد من بعضه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن اتخاذها مساجد، واتخاذها عيداً، وعن الصلاة عندها، بخلاف كثير من هذه المواضع.
ما يرويه بعض الناس من أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا تحيرتم في الأمور فاستعينوا بأهل القبور» أو نحو هذا، فهو كلام موضوع مكذوب باتفاق العلماء والذي يبين ذلك أمور:
أحدها: أنه قد تبين أن العلة التي نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - لأجلها عن الصلاة عندها إنما هو لئلا تُتَّخَذ ذريعة إلى نوع من الشرك بالعكوف عليها، وتعلق القلوب بها رغبة ورهبة.