مسجد، فإن الصحابة لم يكونوا ليبنوا حول قبره مسجداً، وإنما قَصَدت أنهم خشوا أن الناس يصلون عند قبره، وكل موضع قُصِدَت الصلاة فيه فقد اتُّخِذ مسجداً، بل كل موضع يصلَّى فيه فإنه يسمى مسجداً وإن لم يكن هناك بناء، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً». [البخاري335، مسلم523] وقد روى أبو سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الأرض كلها مسجد، إلا المقبرة والحمام» [أبو داود492وصححه الألباني].
سبب كراهية الصلاة في المقبرة: اعلم أن من الفقهاء من اعتقد أن سبب كراهة الصلاة في المقبرة ليس إلا كونها مظنة النجاسة، لما يختلط بالتراب من صديد الموتى، وبنى على هذا الاعتقاد، الفرق بين المقبرة الجديدة والعتيقة، وبين أن يكون بينه وبين التراب حائل، أو لا يكون. ونجاسة الأرض مانع من الصلاة عليها، سواء كانت مقبرة أو لم تكن، لكن المقصود الأكبر بالنهي عن الصلاة عند القبور ليس هو هذا. فإنه قد بين أن اليهود والنصارى كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً، وقال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم