فهذه المساجد المبنية على قبور الأنبياء والصالحين، والملوك وغيرهم، يتعين إزالتها بهدم أو بغيره، هذا مما لا أعلم فيه خلافاً بين العلماء المعروفين، وتكره الصلاة فيها من غير خلاف أعلمه، ولا تصح عندنا في ظاهر المذهب، لأجل النهي واللعن الوارد في ذلك، ولأحاديث أُخَر، وليس في هذه المسألة خلاف لكون المدفون فيها واحداً، وإنما اختلف أصحابنا في المقبرة المجردة عن مسجد، هل حدها ثلاثة أقبر، أو ينهى عن الصلاة عند القبر الفذ (?) وإن لم يكن عنده قبر آخر؟ على وجهين.
ثم يتغلظ النهي إن كانت البقعة مغصوبة، مثل ما بني على بعض العلماء، أو الصالحين، أو غيرهم ممن كان مدفوناً في مقبرة مسبَّلة، فبني على قبره مسجد، أو مدرسة، أو رباط، أو مشهد، وجعل فيه مطهرة، أو لم يجعل فإن هذا مشتمل على أنواع من المحرمات:
أحدها: أن المقبرة المُسَبَّلة لا يجوز الانتفاع بها في غير الدفن من غير تعويض بالاتفاق، فبناء المسجد أو المدرسة أو الرباط فيها كدفن الميت في المسجد، أو كبناء الخانات ونحوها في المقبرة، أو كبناء المسجد في الطريق الذي يحتاج الناس إلى المشي فيه.
الثاني: اشتمال غالب ذلك على نبش قبور المسلمين، وإخراج عظام موتاهم، كما قد علم ذلك في كثير من هذه المواضيع.
الثالث: أنه قد روى مسلم في صحيحه عن جابر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نهى أن يُبْنَى على القبور». [مسلم970]
الرابع: أن بناء المطاهر التي هي محل النجاسات، بين مقابر المسلمين، من أقبح ما تُجَاوَرُ به القبور، لا سيما إن كان محل المطهرة قبر رجل مسلم.
الخامس: اتخاذ القبور مساجد، وقد تقدم بعض النصوص المحرمة لذلك.
السادس: الإسراج على القبور وقد لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من يفعل ذلك. [المسند2030وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح]
السابع: مشابهة أهل الكتاب في كثير من الأقوال والأفعال