عن زيارة القبور فزوروها». [مسلم977] فقد أذن النبي - صلى الله عليه وسلم - في زيارتها بعد النهي، وعلل ذلك بأنها تذكر الموت، وأذن إذناً عاماً، في زيارة قبر المسلم والكافر.
والسبب الذي ورد عليه هذا اللفظ يوجب دخول الكافر، والعلة ـ وهي تذكر الموت والآخرة ـ موجودة في ذلك كله. وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يأتي قبور أهل البقيع والشهداء للدعاء لهم والاستغفار، فهذا المعنى يختص بالمسلمين دون الكافرين. فهذه الزيارة ـ وهي زيارة القبور، لتذكر الآخرة، أو لتحيتهم والدعاء لهم ـ هو الذي جاءت به السنة، كما تقدم.
وقد اختلف أصحابنا (?) وغيرهم، هل يجوز السفر لزيارتها؟ على قولين، أحدهما: لا يجوز، والمسافرة لزيارتها معصية، ولا يجوز قصر الصلاة فيها؛ لأن هذا السفر بدعة، لم يكن في عصر السلف، وهو مشتمل على ما سيأتي من معاني النهي، ولأن في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تُشَدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا».