ومنى ومزدلفة وعرفة، جعلها الله عيداً، مثابة للناس، يجتمعون فيها، وينتابونها، للدعاء والذكر والنسك، وكان للمشركين أمكنة ينتابونها للاجتماع عندها. فلما جاء الإسلام محى الله ذلك كله.
وهذا النوع من الأمكنة يدخل فيه قبور الأنبياء والصالحين والقبور التي يجوز أن تكون قبوراً لهم، بتقدير كونها قبوراً لهم. بل وسائر القبور أيضاً داخلة في هذا. فإن قبر المسلم له من الحرمة ما جاءت به السنة، إذ هو بيت المسلم الميت، فلا يترك عليه شيء من النجاسات بالاتفاق ولا يُوطُأ ولا يُداس، ولا يُتَّكَأ عليه عندنا، وعند جمهور العلماء، ولا يجاور بما يؤذي الأموات، من الأقوال والأفعال الخبيثة، ويستحب عند إتيانه السلام على صاحبه، والدعاء له، وكلما كان الميت أفضل، كان حقه أوكد.
قال بريدة بن الحصيب رضي الله عنه: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر، أن يقول قائلهم: السلام على أهل الديار وفي لفظ: السلام عليكم أهل الديار، من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية» [مسلم975]
وروى أيضاً عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى المقبرة فقال: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم