نعلم ما فيها من المفسدة. فهذا مثال لما حدث، مع قيام المقتضي له، وزوال المانع لو كان خيراً. فإن كل ما يبديه المُحْدِث لهذا من المصلحة، أو يستدل به من الأدلة، قد كان ثابتا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومع هذا لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهذا الترك سنة خاصة، مقدمة على كل عموم وكل قياس.

* ومثال ما حدثت الحاجة إليه من البدع بتفريط من الناس: تقديم الخطبة على الصلاة في العيدين، فإنه لما فعله بعض الأمراء أنكره المسلمون لأنه بدعة، واعتذر من أحدثه بأن الناس قد صاروا ينفضّون قبل سماع الخطبة، وكانوا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ينفضّون حتى يسمعوا، أو أكثرهم. فيقال له: سبب هذا تفريطك، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطبهم خطبة يقصد بها نفعهم وتبليغهم وهدايتهم، وأنت قصدُك إقامة رياستك، وإن قصدت صلاح دينهم، فلا تعلمهم ما ينفعهم، فهذه المعصية منك لا تبيح لك إحداث معصية أخرى، بل الطريق في ذلك أن تتوب إلى الله، وتتبع سنة نبيه، وقد استقام الأمر، وإن لم يستقم فلا يسألك الله إلا عمن عملك، لا عن عملهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015