أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ} [البقرة:91] بعد أن قال: {وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} [البقرة:89] فوصف اليهود أنهم كانوا يعرفون الحق قبل ظهور الناطق به، والداعي إليه، فلما جاءهم الناطق به من غير طائفة يهوونها لم ينقادوا له، وأنهم لا يقبلون الحق إلا من الطائفة التي هم منتسبون إليها، مع أنهم لا يتبعون ما لزمهم في اعتقادهم.
* وهذا يُبتلى به كثير من المنتسبين إلى طائفة معينة في العلم، أو الدين، من المتفقهة، أو المتصوفة، أو غيرهم، أو إلى رئيس معظم عندهم في الدين ـ غير النبي - صلى الله عليه وسلم - ـ فإنهم لا يقبلون من الدين رأياً ورواية إلا ما جاءت به طائفتهم، ثم إنهم لا يعلمون ما توجبه طائفتهم، مع أن دين الإسلام يوجب إتباع الحق مطلقاً ـ روايةً ورأياً ـ من غير تعيين شخص أو طائفة، غير الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
4 - قال تعالى في صفة المغضوب عليهم: {مِنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ} [النساء:46] والتحريف قد فُسِّر بتحريف التنزيل، وبتحريف التأويل.