وأن العالم صنعه وفعله وبيان أن ذلك مجاز عندهم وليس بحقيقته
وقد اتفقت الفلاسفة سوى الدهرية على أن للعالم صانعاً وأن الله هو صانع العالم وفاعله وأن العالم فعله وصنعه، وهذا تلبيس على أصلهم. بل لا يتصور على مساق أصلهم أن يكون العالم من صنع الله، من ثلاثة أوجه: وجه في الفاعل ووجه في الفعل ووجه في نسبة مشتركة بين الفعل والفاعل.
أما الذي في الفاعل فهو أنه لا بد وأن يكون مريداً مختاراً عالماً بما يريده، حتى يكون فاعلاً لما يريده. والله تعالى عندهم ليس مريداً بل لا صفة له أصلاً، وما يصدر عنه فيلزم منه لزوماً ضرورياً. والثاني أن العالم قديم والفعل هو الحادث. والثالث أن الله واحد عندهم من كل وجه، والواحد لا يصدر منه عندهم إلا واحد من كل وجه، والعالم مركب من مختلفات، فكيف يصدر عنه؟ في الفاعل: تقولون أن العالم من الله باللزوم ...
ولنحقق وجه كل واحد من هذه الوجوه الثلاثة مع خبالهم في دفعه.