جاز أن يصدر منه عند حدوث شيء آخر من استعداد المحل القابل وحضور الوقت الموافق أو ما يجري هذا المجرى.
قلنا: فالسؤال في حصول الاستعداد وحضور الوقت وكل ما يتجدد قائم، فإما أن يتسلسل إلى غير نهاية أو ينتهي إلى قديم يكون أول حادث منه.
فإن قيل: المواد القابلة للصور والأعراض والكيفيات ليس شيء منها حادثاً والكيفيات الحادثة هي حركة الأفلاك، أعني الحركة الدورية وما يتجدد من الأوصاف الإضافية لها من التثليث والتسديس والتربيع، وهي نسبة بعض أجزاء الفلك والكواكب إلى بعض وبعضها نسبة إلى الأرض، كما يحصل من الطلوع والشروق والزوال عن منتهى الارتفاع والبعد عن الأرض بكون الكوكب في الأوج، والقرب بكونه في الحضيض والميل عن بعض الأقطار بكونه في الشمال والجنوب، وهذه الإضافة لازمة للحركة الدورية بالضرورة فموجبها الحركة الدورية.
وأما الحوادث فيما يحويه مقعر فلك القمر، وهو العناصر بما يعرض فيها من كون وفساد وامتزاج وافتراق واستحالة من صفة إلى صفة، فكل ذلك حوادث مستند بعضها إلى بعض في تفصيل طويل، وبالآخرة تنتهي مبادئ أسبابها إلى الحركة السماوية الدورية ونسب الكواكب بعضها إلى بعض أو نسبتها إلى الأرض.
...
فيخرج من مجموع ذلك أن الحركة الدورية الدائمة الأبدية مستند الحوادث كلها ومحرك السماء حركتها الدورية نفوس السموات، فإنها حية نازلة منزلة نفوسنا بالنسبة إلى أبداننا، ونفوسها قديمة، فلا جرم الحركة الدورية التي هي موجبها أيضاً قديمة. ولما تشابه أحوال النفس لكونها قديمة تشابه أحوال الحركات أي كانت دائرة أبداً.
فإذن لا يتصور أن يصدر الحادث من قديم إلا بواسطة حركة دورية أبدية تشبه القديم من وجه فإنه دائم أبداً، وتشبه الحادث من وجه فإن كل جزء يفرض منه كان حادثاً بعد أن لم يكن، فهو من حيث أنه