كون السماء كرى الشكل أنه بسيط الطبيعة متشابه لا يتفاوت، وأبسط الأشكال الكرة، فإن التربيع والتسديس وغيرهما يقتضي خروج زوايا وتفاوتها، وذلك لا يكون إلا بأمر زائد على الطبع البسيط.
...
ولكنه وإن خالف مذهبكم فليس يندفع الإلزام به، فإن السؤال في تلك الخاصية قائم، إذ سائر الأجزاء هل كان قابلاً تلك الخاصية أم لا؟ فإن قالوا نعم، فلم اختصت الخاصية من بين المتشابهات ببعضها؟ وإن قالوا: لم يكن ذلك إلا في ذلك الموضع وسائر الأجزاء لا تقبلها، فنقول: سائر الأجزاء من حيث أنها جسم قابل للصور متشابه بالضرورة، وتلك الخاصية التي يستحقها ذلك الموضع بمجرد كونه جسماً ولا بمجرد كونه سماء، فإن هذا المعنى يشاركه فيه سائر أجزاء السماء، فلا بد وأن يكون تخصيصه به بتحكم أو بصفة من شأنها تخصيص الشيء عن مثله، وإلا فكما يستقيم لهم قولهم: إن الأحوال في قبول وقوع العالم فيها متساوية، يستقيم لخصومهم أن أجزاء السماء في قبول المعنى الذي لأجله صار ثبوت الوضع أولى به من تبدل الوضع متساوية، وهذا لا مخرج منه.
الإلزام الثاني تعين جهة حركة الأفلاك بعضها من المشرق إلى المغرب وبعضها بالعكس، مع تساوي الجهات، ما سببها وتساوي الجهات كتساوي الأوقات من غير فرق؟
فإن قيل: لو كان الكل يدور من جهة واحدة لما تباينت أوضاعها ولم تحدث مناسبات الكواكب بالتثليث والتسديس والمقارنة وغيرها ولكان الكل على وضع واحد لا يختلف قط، وهذه المناسبات مبدأ الحوادث في العالم.
قلنا: لسنا نلزم اختلاف جهة الحركة بل نقول: الفلك الأعلى