تهافت الفلاسفه (صفحة 196)

مسألة في إبطال إنكارهم لبعث الأجساد ورد الأرواح إلى الأبدان ووجود النار الجسمانية ووجود الجنة والحور العين وسائر ما وعد به الناس

مسألة في إبطال إنكارهم لبعث الأجساد ورد الأرواح

إلى الأبدان ووجود النار الجسمانية ووجود الجنة والحور العين وسائر ما وعد به الناس

وقولهم إن كل ذلك أمثلة ضربت لعوام الخلق لتفهيم ثواب وعقاب روحانيين هما أعلى رتبة من الجسمانية وهو مخالف لاعتقاد المسلمين كافة. فلنقدم تفهيم معتقدهم في الأمور الأخروية ثم لنعترض على ما يخالف الإسلام من جملته.

قولهم اللذة السرمدية لا تكون إلا بالعلم والعمل

وقد قالوا إن النفس تبقى بعد الموت بقاء سرمدياً إما في لذة لا يحيط الوصف بها لعظمها وإما في ألم لا يحيط الوصف به لعظمه، ثم قد يكون ذلك الألم مخلداً وقد ينمحى على طول الزمان. ثم تتفاوت طبقات الناس في درجات الألم واللذة تفاوتاً غير محصور كما يتفاوتون في المراتب الدنيوية ولذاتها تفاوتاً غير محصور، واللذة السرمدية للنفوس الكاملة الزكية والألم السرمدي للنفوس الناقصة الملطخة والألم المنقضي للنفوس الكاملة الملطخة، فلا تنال السعادة المطلقة إلا بالكمال والتزكية والطهارة والكمال بالعلم والزكاء بالعمل.

تلتذ بهما القوة العقلية

ووجه الحاجة إلى العلم أن القوة العقلية غذاؤها ولذتها في درك المعقولات كما أن القوة الشهوانية لذتها في نيل المشتهى والقوة البصرية لذتها في النظر إلى الصور الجميلة وكذلك سائر القوى. وإنما يمنعها من الاطلاع على المعقولات البدن وشواغله وحواسه وشهواته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015