تهافت الفلاسفه (صفحة 167)

والحلاوة حتى قضى عند وجود أحدهما بوجود الآخر.

ووهمية

والثانية القوة الوهمية وهي التي تدرك المعاني، وكان القوة الأولى تدرك الصور. والمراد بالصور ما لا بد لوجوده من مادة أي جسم، والمراد بالمعاني ما لا يستدعي وجوده جسماً ولكن قد يعرض له أن يكون جسم كالعداوة والموافقة، فإن الشاة تدرك من الذب لونه وشكله وهيئته، وذلك لا يكون إلا في جسم، وتدرك أيضاً كونه مخالفاً لها. وتدرك السخلة شكل الأم ولونه ثم تدرك موافقته وملايمته ولذلك تهرب من الذئب وتعدو خلف الأم. والمخالفة والموافقة ليس من ضرورتها أن تكون في الأجسام لا كاللون والشكل ولكن قد يعرض لها أن تكون في الأجسام أيضاً فكانت هذه القوة مباينة للقوة الثانية وهذا محله التجويف الأخير من الدماغ.

ومتخيلة-مفكرة

أما الثالثة فهي القوة التي تسمى في الحيوانات متخيلة وفي الإنسان مفكرة وشأنها أن تركب الصور المحسوسة بعضها مع بعض وتركب المعاني على الصور، وهي في التجويف الأوسط بين حافظ الصور وحافظ المعاني. ولذلك يقدر الإنسان على أن يتخيل فرساً يطير وشخصاً رأسه رأس إنسان وبدنه بدن فرس إلى غير ذلك من التركيبات وإن لم يشاهد مثل ذلك، والأولى أن تلحق هذه القوة بالقوى المحركة كما سيأتي لا بالقوى المدركة، وإنما عرفت مواضع هذه القوى بصناعة الطب فإن الآفة إذا نزلت بهذه التجويفات اختلت هذه الأمور.

وإليها تضم القوة الحافظة والقوة الذاكرة

ثم زعموا أن القوة التي تنطبع فيها صور المحسوسات بالحواس الخمس تحفظ تلك الصور حتى تبقى بعد القبول، والشيء يحفظ الشيء لا بالقوة التي بها يقبل، فإن الماء يقبل ولا يحفظ والشمع يقبل برطوبته ويحفظ بيبوسته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015