فهذه مقدمة تحكموا بوضعها.
المقدمة الثالثة وهي التحكم البعيد جداً قولهم إنه إذا تصور الحركات الجزئية تصور أيضاً توابعها ولوازمها، وهذا هوس محض كقول القائل إن الإنسان إذا تحرك وعرف حركته ينبغي أن يعرف ما يلزم من حركته من موازاة ومجاوزة، وهو نسبته إلى الأجسام التي فوقه وتحته ومن جوانبه، وأنه إذا مشى في شمس ينبغي أن يعلم المواضع التي عليها ظله والمواضع التي لا يقع وما يحصل من ظله من البرودة بقطع الشعاع في تلك المواضع وما يحصل من الإنضغاط لأجزاء الأرض تحت قدمه وما يحصل من التفرق فيها وما يحصل في أخلاطه في الباطن من الاستحالة بسبب الحركة إلى الحرارة وما يستحيل من أجزائه إلى العرق وهلم جرا إلى جميع الحوادث في بدنه وفي غيره من بدنه مما الحركة علة فيه أو شرط أو مهيء ومعد، وهو هوس لا يتخيله عاقل ولا يغتر به إلا جاهل، وإلى هذا يرجع هذا التحكم.
على أنا نقول: هذه الجزئيات المفصلة المعلومة لنفس الفلك هي الموجودة في الحال أو ينضاف إليها ما يتوقع كونها في الاستقبال. فإن قصرتموه على الموجود في الحال بطل إطلاعه على الغيب وإطلاع الأنبياء في اليقظة وسائر الخلق في النوم على ما سيكون في الاستقبال بواسطة، ثم بطل مقتضى الدليل فإنه تحكم بأن من عرف الشيء عرف لوازمه وتوابعه، حتى لو عرفنا جميع أسباب الأشياء لعرفنا جميع الحوادث المستقبلة، وأسباب جميع الحوادث حاضرة في الحال فإنها هي الحركة السماوية ولكن تقتضي المسبب إما بواسطة أو بوسائط كثيرة.
وإذا تعدى إلى المستقبل لم يكن له آخر فكيف يعرف تفصيل