لوجود جسمه عندكم بل هما يوجدان بعلة سواهما فإذا جاز وجودهما قديماً جاز أن لا يكون لهما علة.
فإن قيل: كيف اتفق اجتماع النفس والجسم؟
قلنا: هو كقول القائل: كيف اتفق وجود الأول؟ فيقال: هذا سؤال عن حادث فأما ما لم يزل موجوداً فلا يقال كيف اتفق. فكذلك الجسم ونفسه إذا لم يزل كل واحد موجوداً لم يبعد أن يكون صانعاً؟
فإن قيل: لأن الجسم من حيث أنه جسم لا يخلق غيره والنفس المتعلقة بالجسم لا تفعل إلا بواسطة الجسم ولا يكون الجسم واسطة للنفس في خلق الأجسام ولا في إبداع النفوس وأشياء لا تناسب الأجسام.
قلنا: ولم لا يجوز أن يكون في النفوس نفس تختص بخاصية تتهيأ بها لأن توجد الأجسام وغير الأجسام منها؟ فاستحالة ذلك لا يعرف ضرورة ولا برهان يدل عليه، إلا أنه لم نشاهد من هذه الأجسام المشاهدة وعدم المشاهدة لا يدل على الاستحالة فقد أضافوا إلى الموجود الأول بما لا يضاف إلى موجود أصلاً، ولم نشاهد من غيره وعدم المشاهدة من غيره لا يدل على استحالته منه فكذى في نفس الجسم والجسم.
فإن قيل: الجسم الأقصى أو الشمس أو ما قدر من الأجسام فهو متقدر بمقدار يجوز أن يزيد عليه وينقص منه فيفتقر اختصاصه بذلك المقدار الجائز إلى مخصص فلا يكون أولاً.
قلنا: بم تنكرون على من يقول: إن ذلك الجسم يكون على مقدار يجب أن يكون عليه لنظام الكل ولو كان أصغر منه أو أكبر لم يجز؟ كما أنكم قلتم: إن المعلول الأول يفيض الجرم الأقصى منه متقدراً بمقدار وسائر المقادير بالنسبة إلى ذات المعلول الأول متساوية ولكن تعين بعض