تسمح لَك نَفسِي بذلك بعد، وَلَكِن اقعد، فجاؤوا بوسادة فثنيت فَقعدَ عَلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ: قد بَلغنِي أَنه كَانَت لَك قصَّة عَجِيبَة مَعَ ملك النّوبَة، فَمَا هِيَ؟ قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: لَا وَالَّذِي أكرمك بالخلافة مَا أقدر على النَّفس من ثقل الْحَدِيد، وَلَقَد صدئ قيدي مِمَّا أرشش عَلَيْهِ من الْبَوْل، وأصب عَلَيْهِ المَاء فِي أَوْقَات الصَّلَاة، فَقَالَ: يَا مسيب، أطلق عَنهُ حديده. ثمَّ قَالَ: نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَلما قصد عبد اللَّهِ بن عَليّ إِلَيْنَا كنت [أَنا] الْمَطْلُوب من بَين الْجَمَاعَة، لِأَنِّي كنت ولي عهد أبي من بعده فَدخلت إِلَى خزانَة فاستخرجت مِنْهَا عشرَة آلَاف دِينَار، ثمَّ دَعَوْت عشرَة من غلماني وحملت كل وَاحِد على دَابَّة، وَدفعت إِلَى كل غُلَام ألف دِينَار وأوقرت خَمْسَة أبغل، وشددت فِي وسطي جوهرا لَهُ قيمَة مَعَ ألف دِينَار، وَخرجت هَارِبا إِلَى بلد النّوبَة، فسرت فِيهَا ثَلَاثًا، فَوَقَعت إِلَى مَدِينَة خراب فَأمرت الغلمان فعدلوا إِلَيْهَا فكسحوا مِنْهَا مَا كَانَ قذرا، ثمَّ فرشوا بعض تِلْكَ الْفرش، ودعوت غُلَاما لي كنت أَثِق بعقله فَقلت: انْطلق إِلَى الْملك فأقرئه مني السَّلَام، وَخذ مِنْهُ الْأمان، وابتع لي ميرة. قَالَ: فَمضى فَأَبْطَأَ حَتَّى سُؤْت ظنا، ثمَّ أقبل وَمَعَهُ رجل آخر، فَلَمَّا أَن دخل كفر لي، ثمَّ قعد بَين يَدي فَقَالَ لي: الْملك يقْرَأ