منى إِذْ أَبْصرت بِأبي الجليد الْفَزارِيّ وَاقِفًا على جَارِيَة سَوْدَاء كَأَنَّهَا صنم، فملت إِلَيْهِ، فَقلت: مَا لي أَرَاك هَاهُنَا. قَالَ: أصوب بَصرِي وأصاعده فِي هَذِه الْجَارِيَة وأتمناها على اللَّهِ [عز وَجل] وَأَنْشَأَ يَقُول:
(أَلا يُصِبْنِي أَجلي فأحترم ... أشتر من مَالِي ضناكا كالصنم)
(عريضة المعطس خشناء الْقدَم ... تكون أم وَلَدي وتختدم)
قَالَ مُصعب: وَكَانَ أَبُو الجليد أَعْرَابِيًا بدويا عَلامَة، فَرَأَيْت الضَّحَّاك بن عُثْمَان يروي مِنْهُ وَيَأْخُذ عَنهُ.
[151] قَالَ ابْن الْمَرْزُبَان: وَأَخْبرنِي عبد اللَّهِ بن شبيب قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الْجَعْفَرِي قَالَ حَدثنِي حَكِيم بن طَلْحَة الْفَزارِيّ قَالَ حَدثنِي سيار بن نجيح قَالَ: طلبت ابْن ميادة فَقيل لي: خرج أمس فَعرفت أَنه ذهب فِي اتِّبَاع أمة بني سهل، فغبت فِي بغائه، فَوَقَعت عَلَيْهِ فِي قرارة بَيْضَاء قد حفت بحرة سَوْدَاء، وَإِذا غنم، وَإِذا حمَار ابْن ميادة مُقَيّد، وَهُوَ مَعهَا تَحت سَمُرَة وَكَانَت الْأمة سَوْدَاء فَسلمت وَجَلَست، فَأقبل ابْن ميادة على الْأمة فَقَالَ لَهَا: أنشديهم مَا قلت فِيك فأنشدتنا:
(تمنونني مِنْك اللِّقَاء وإنني لأعْلم ... لَا أَلْقَاك من دون بابل)