أَبِيك، وَمَا يَمْنعنِي من إِتْيَانه، إِلَّا أَنِّي أَخَاف أَن أشغله عَن خدمَة سَيّده، وخدمة سَيّده، أولى من محادثة شعوانة، ثمَّ قَالَت: وَمن شعوانة؟ وَمَا شعوانة؟ أمة سَوْدَاء عاصية. قَالَ: ثمَّ أخذت فِي الْبكاء، فَلم تزل تبْكي حَتَّى خرجنَا وتركناها.
قَالَ مُحَمَّد بن الْحُسَيْن: وحَدثني يحيى بن بسطَام قَالَ: استأذنا على شعوانة فَأَذنت، فَإِذا منزل رث الْهَيْئَة، أثر الخرب عَلَيْهِ بَين، فَقَالَ لَهَا صَاحب لي: لَو رفقت بِنَفْسِك فقصرت من هَذَا الْبكاء شَيْئا كَانَ أقوى لَك على مَا تريدين. ثمَّ قَالَت: وَالله لَوَدِدْت أَنِّي أبْكِي حَتَّى تنفد دموعي، ثمَّ أبْكِي الدِّمَاء حَتَّى لَا تبقى فِي جَسَدِي جارحة فِيهَا قَطْرَة من دم، وأنى لي بالبكاء.
قَالَ مُحَمَّد: وحَدثني روح بن سَلمَة قَالَ: قَالَ لي مُضر: مَا رَأَيْت أحدا أقوى على كَثْرَة الْبكاء من شعوانة، وَلَا سَمِعت صَوتا قطّ أحرق لقلوب الْخَائِفِينَ من صَوتهَا إِذا هِيَ نشجت، ثمَّ تَقول: يَا موتى وَبني الْمَوْتَى وإخوة الْمَوْتَى.
قَالَ مُحَمَّد: وَقلت لأبي عمر الضَّرِير: أتيت شعوانة؟ قَالَ: قد شهِدت مجلسها مرَارًا، مَا كنت أفهم مَا تَقول من كَثْرَة بكائها. وَسمعتهَا تَقول: من