إِن شَاءَ اللَّهِ [تَعَالَى] رجلا صَالحا. إِن لله عز وَجل خيرة من خلقه لَا يكْشف شَأْنهمْ إِلَّا لمن أحب من عباده، وَلَا يظْهر عَلَيْهِم إِلَّا من ارتضى، ثمَّ قَالَ لي: ترى أَن تقف عَليّ قَلِيلا، فَإِنَّهُ قد بقيت عَليّ رَكْعَات من البارحة. قلت: هَذَا منزل الفضيل قريب. قَالَ: لَا، هَاهُنَا أحب إِلَيّ، أَمر اللَّهِ [عز وَجل] لَا يُؤَخر. فَدخل من بَاب الباعة إِلَى الْمَسْجِد فَمَا زَالَ يُصَلِّي حَتَّى إِذا أَتَى عَليّ مَا أَرَادَ الْتفت إِلَيّ وَقَالَ: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن، هَل من حَاجَة؟ قلت: وَلم؟ قَالَ: لِأَنِّي أُرِيد الإنصراف. قلت إِلَى أَيْن؟ قَالَ: إِلَى الْآخِرَة. قلت: لَا تفعل، دَعْنِي أسر بك. فَقَالَ لي: إِنَّمَا كَانَت تطيب الْحَيَاة حَيْثُ كَانَت الْمُعَامَلَة بيني وَبَينه تَعَالَى، فَأَما إِذا اطَّلَعت عَلَيْهَا أَنْت فسيطلع عَلَيْهَا غَيْرك فَلَا حَاجَة لي فِي ذَلِك. ثمَّ خر لوجهه فَجعل يَقُول: إلهي، اقبضني السَّاعَة السَّاعَة. فدنوت مِنْهُ فَإِذا هُوَ قد مَاتَ. فوَاللَّه مَا ذكرته [قطّ] إِلَّا طَال حزني [عَلَيْهِ] ، وصغرت الدُّنْيَا فِي عَيْني.
(عَابِد أسود بغدادي)
[130] أخبرنَا مُحَمَّد بن أبي مَنْصُور الْحَافِظ قَالَ أَنبأَنَا أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن أَحْمد قَالَ أَنبأَنَا أَبُو عبد اللَّهِ بن بطة العكبري قَالَ: حَدثنِي أَبُو بكر مُحَمَّد بن