[108] أخبرنَا أَبُو بكر بن حبيب قَالَ أنبأ عَليّ بن أبي صَادِق قَالَ أنبأ ابْن باكويه قَالَ نَا عَليّ بن الْحسن الأرجاني قَالَ ثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الْحسن الرامَهُرْمُزِي قَالَ: سَمِعت أبي يَقُول: سَمِعت أَبَا مُعَاوِيَة الْأسود وَهُوَ على سور طرسوس من جَوف اللَّيْل يبكي وَيَقُول: أَلا من كَانَت الدُّنْيَا من أكبر همه طَال فِي الْقيام غَدا همه، وَمن خَافَ مَا بَين يَدَيْهِ ضَاقَ فِي الدُّنْيَا ذرعه، وَمن خَافَ الْوَعيد أَبى من الدُّنْيَا عَن مَا يُرِيد. يَا مِسْكين، إِن كنت تُرِيدُ لنَفسك الجزيل، فاقلل نومك بِاللَّيْلِ إِلَّا الْقَلِيل، اقبل من اللبيب الناصح إِذا أَتَاك بِأَمْر وَاضح. لَا تهتمن بأرزاق من تخلف، فلست بأرزاقهم تكلّف. نظف طريقك للمقال، إِذا وقفت بَين يَدي رب الْعِزَّة للسؤال. قدم صَالح الْأَعْمَال، ودع عَنْك كَثْرَة الأشغال. بَادر ثمَّ بَادر قبل نزُول مَا تحاذر. إِذا بلغ روحك التراقي، انْقَطع عَنْك من أَحْبَبْت أَن تلاقي، كَأَنِّي بهَا وَقد بلغت الْحُلْقُوم، وَأَنت فِي سَكَرَات الْمَوْت مغموم، وَقد انْقَطَعت حَاجَتك إِلَى أهلك، وَأَنت تراهم حولك، وَبقيت مرتهنا بعملك. الصَّبْر ملاك الْأَمر، وَفِيه أعظم الْأجر، فَاجْعَلْ ذكر اللَّهِ [عز وَجل] من جلّ شَأْنك، واملك فِيمَا سوى ذَلِك لسَانك.