حقا إن ثَمَّ عمليات نفسية إعلائية أو تحويلية يمكن بواسطتها تحريف هذه التأثيرات عن مجراها المتوقع، ولكن تلك العمليات ربما تبوء بالفشل.

ولعل ما عاناه "هتلر" في طفولته من طريقة وأسلوب أبيه نحوه من قسوة وما علق في اللاشعور لديه من ارتباط هذه القسوة بمستوى اجتماعي منخفض لموظف بسيط أنشأ عنده رغبة في تحدي الواقع، هذه الرغبة الكامن خلفها اندفاع ضد شخصية أبيه، وبالتالي نحو مستوى اقتصادي واجتماعي فوق ذلك الأب. إن هذا كله كان دافعا لا شعوريا "لهتلر" فيما قام به من أعمال.

وعموما فكلما اتجه موقف الأب مع طفله إلى الصداقة والتفاهم وتجنب السلطة والعنف أثمر ذلك عاطفة إعجاب الطفل وسهل اندماج عالم الأبوة وقيمه ومعاييره، ومن ثم جزءا كبيرا من قيم ومعايير المجتمع الذي ينتمي إليه ذلك الأب العادي. وأصبح الصغير في سبيله إلى تنشئة اجتماعية راضية مرضية، وانعكست آثار ذلك على علاقة الأم بالطفل الصغير وعلاقة الصغير بإخوته، أي على التفاعل الاجتماعي في الأسرة كلها، وإن كانت هناك عوامل تؤثر على ذلك التفاعل الاجتماعي في الأسرة وعلى نوع ودرجة تأثر الطفل به في أثناء تنشئته الاجتماعية يمكن إجمالها في:

- الطبقة التي تنتمي إليها الأسرة: إن الأسر تختلف في تفاعلها مع الأطفال باختلاف المستوى الاقتصادي والمستوى الاجتماعي والمستوى الثقافي الذي يميزها.

فقد تبين أن أمهات الطبقة المتوسطة أكثر واقعية في التعامل مع أطفالهن، على حين أن أمهات الطبقة العالية الأفضل تعليما يملن إلى معاملة أطفالهن بطريقة أكثر دفئا وأكثر تفهما وقبولا، كما أنهن أقل تدخلا في شئون الصغار. أما أمهات الطبقة الدنيا فلديهن ميل إلى معاملة أطفالهن بالعنف والعقاب الشديد، وخاصة في التدريب على استخدام المرحاض. وفي أسر الطبقة المتوسطة كان نفوذ وسيطرة الأب تدعو إلى الاطمئنان والأمان نسبيا مهما كانت أعمار الأبناء. على حين نجد أن الأب في الأسر ذات الطبقة الدنيا يميل إلى فقد سلطته على ابنه المراهق.

وتبدو الاختلافات في الأسر حسب طبقتها في نواح متصلة بالتنشئة الاجتماعية مثل: نوع وكمية المسئوليات التي تلقيها على الطفل، المرح والتشجيع ودفء المعاملة وتجنب العقاب، مستوى ضبط عدوانية الأطفال، مستوى الشدة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015