كما أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - الزوج بحسن تبعل المرأة، وجعل ذلك ميزاناً لخيريته بين المؤمنين: «خيرُكم خيرُكم لأهله، وأنا خيرُكم لأهلي» (?)، وأوصاه بالمحافظة على رباط الزوجية وإن وجد في زوجته ما يكره، فليأنس بغيره مما يحب: «لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر» (?).

وكره الإسلام الطلاق ففي المروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أبغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق» (?)، ورغم ضعف إسناده فمعناه صحيح، وهو أمر لا يخفى على من تدبر الآية التي جعلت التفريق بين الزوجين بعض كيد السحرة والشياطين: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} (البقرة: 102)، فلا يليق بالمسلم أن يوافق مراده مراد الشياطين بلا حاجة ماسة لذلك.

ولحماية الأسرة من الوصول إلى الفراق بالطلاق أوجب الإسلام حسن العشرة بين الزوجين حتى في حال الكراهية {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ الله فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} (النساء: 19)، وخيَّر الزوج بعد طلقتين بين المعروف والإحسان {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (البقرة: 229).

وشرع القرآن للزوجين إصلاح ما يفسد بينهما من علاقة، وحثهما على وأد الشقاق والنفور بكل طريق يؤدي إلى الصلح {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} (النساء: 128)، فإذا لم يستطع الزوجان أن يصلحا ما بينهما بنفسيهما ولم يحققا الوفاق بوسائلهما الخاصة؛ فإن الله يأمرهما بعرض الأمر على مجلس عائلي يتكون من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015