إذا جاءه الملك بالوحي أن يستمع له، وتكفل الله له أن يجمعه في صدره، وأن ييسره لأدائه على الوجه الذي ألقاه إليه، وأن يبينه له ويفسره ويوضحه، فالحالة الأولى: جمعه في صدره، والثانية: تلاوته، والثالثة: تفسيره وإيضاح معناه" (?).

ولمزيد من الحفظ للقرآن ولتوثيق حفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان جبريل عليه السلام ينزل عليه كل عام في شهر رمضان يدارسه القرآن، فلا يتفلت منه شيء، يقول ابن عباس رضي الله عنهما: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان؛ حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن، فلرسول الله أجود بالخير من الريح المرسلة) (?).

وخلال ثلاث وعشرين سنة بقي القرآن الكريم موضع اهتمام النبي - صلى الله عليه وسلم -، يتولى بنفسه إقراء أصحابه وتعليمهم القرآن؛ بل وتحفيظهم سوره، يقول ابن مسعود: (أخذت من فيِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبعين سورة) (?).

وكان هذا ديدنه - صلى الله عليه وسلم - حتى مع المسلمين الجدد، فكان يتعاهدهم بما قد فاتهم من القرآن، فإذا ما شُغِل أَمرَ أصحابه بتعليمهم بدلاً عنه، يقول عبادة بن الصامت: (كان رسول الله يشغل، فإذا قدم رجل مهاجر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دفعه إلى رجل منا يعلمه القرآن، فدفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليَّ رجلاً، فكان معي أُعشيه عشاء أهل البيت، وأُقرئه القرآن) (?).

وبمثل هذا الحرص البالغ من النبي - صلى الله عليه وسلم - كان الصحابة رضوان الله عليهم، فقد كانوا يتتبعون ما ينزل من القرآن في كل يوم، ولا يشغلهم عنه شيء من أمور

طور بواسطة نورين ميديا © 2015