سلطاناً» (?)، وهكذا فالله عز وجل خلق البشر مؤمنين، وإنما ضل من ضل باتباع الشياطين بإرادتهم واختيارهم.
ولتقوم حجة الله على عباده فإنه وهبهم العقل؛ ليميزوا به بين سبيل الخير وسبيل الشر: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} (البلد: 10)، ولأجل ذلك أرسل إليهم الرسل وأنزل الكتب، ولو كانت الهداية والإضلال جبرية حتمية لما كان من ضرورة لإرسال النبيين {رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً} (النساء: 165).
والمتأمل في آيات القرآن يرى جلياً أن إضلال الله لهؤلاء الذين أضلهم كان بمقتضى أفعالهم السيئة، فقد أضلهم لاختيارهم العماية ورفضهم الهداية وتنكبهم طرقها، فالله يضل من اختار الضلال، وفي المقابل هو يهدي من اختار الهدى والرشاد.
وقد نبه القرآن على هذا المعنى في آيات كثيرة، منها قوله: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (الصف: 5) (?)، فكان إضلال الله لهم ومنعه الهداية عنهم بسبب زيغانهم، ومثله قوله: {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} (البقرة: 10).
ومثله حال أولئك الذين صرف الله قلوبهم عن النور والهدى بسبب استكبارهم عن قبول الحق {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ} (الأعراف: 146).