ووفقاً لما سبق فإن الله - عز وجل - لا يسمى بأسماء تنتقص ذاته العلية؛ كالماكر والمخادع والكائد، فهذه الأسماء لا كمال فيها، فلا يسمى بها الرب تبارك وتعالى، كما لا يوصف بالمكر والخداع والكيد، وإن فعل تبارك وتعالى هذه الأفعال، فباب الأفعال أوسع من الصفات.

والسؤال: كيف نسب القرآن إلى الله فعل الكيد والمكر والخداع؟

وفي جوابه نقول: إن آفة الجهل بلغة العرب وطرائقهم في التعبير عن المعاني من أعظم بلايا هذا الزمان، حيث اضمحلت معرفة الناس باللغة، وأصبح أهلها أعاجم فيها، فالعرب تعرف في أساليبها المشاكلة اللفظية، وهي استخدام اللفظ في غير معناه؛ لمقابلته مع فعل آخر.

يقول أبو بكر ابن حجة في تعريف المشاكلة: "المشاكلة في اللغة هي المماثلة، والذي تحرر في المصطلح عند علماء هذا الفن أن المشاكلة هي ذكر الشيء بغير لفظه لوقوعه في صحبته" (?).

وعند ابن عاشور المشاكلة هي: "استعارة لفظ لغير معناه مع مزيد مناسبة مع لفظ آخر مثل اللفظ المستعار. فالمشاكلة ترجع إلى التلميح، أي إذا لم تكن لإطلاق اللفظ على المعنى المراد علاقةٌ بين معنى اللفظ والمعنى المراد إلاّ محاكاة اللفظ، سميّت مشاكلة" (?).

وأمثلتها في لغة العرب كثيرة (?)، منها قول الشاعر أبي الرقعمق الأنطاكي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015