وَقَرَابَتِهِ، وَيَقُولانِ صَدَقْتَ وَبَرَرْتَ وَفَّقَكَ اللَّهُ وَثَبَّتَكَ أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ وَكَرَامَةِ اللَّهِ، ثُمَّ يَرْفَعَانِ قَبْرَهُ فَيَتَّسِعَ لَهُ مَدَّ الْبَصَرِ فَيَفْتَحَانِ لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ رِيحِ الْجَنَّةِ وَطِيبِ نَسِيمِهَا وَنُورِهَا مَا يُعْرَفُ بِهِ كَرَامَةُ اللَّهِ فَإِذَا رَأَى ذَلِكَ اسْتَيْقَنَ الْفَوْزَ وَحَمِدَ اللَّهَ فَيَفْرِشَانِ لَهُ فِرَاشًا مِنْ إِسْتَبْرَقِ الْجَنَّةِ وَيَضَعَانِ لَهُ مِصْبَاحًا مِنْ نُورٍ عِنْدَ رَأْسِهِ وَمِصْبَاحًا مِنْ نُورٍ عِنْدَ رِجْلَيْهِ يُزْهِرَانِ لَهُ فِي قَبْرِهِ بِأَضْوَءَ مِنَ الشَّمْسِ لَا يُطْفَآنِ عَنْهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُبْعَثَ مِنْ قَبْرِهِ ثُمَّ يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنَ الْجَنَّةِ رِيحٌ فَحِينَ يَشُمُّهَا يَغْشَاهُ النُّعَاسُ فَيَقُولانِ لَهُ: ارْقُدْ رَقْدَةَ الْعَرُوسِ قَرِيرَ الْعَيْنِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكَ وَلا حَزَنٌ، ثُمَّ يُمَثِّلانِ لَهُ عَمَلَهُ الصَّالِحَ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ وَأَطْيَبِ رِيحٍ فَيَكُونُ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَيَقُولانِ: هَذَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ وَكَلامُكَ الطَّيِّبُ، قَدْ مَثَّلَهُ اللَّهُ فِي أَحْسَنِ مَا تَرَى مِنْ صُورَةٍ يُؤْنِسُكَ فِي قَبْرِكَ، فَلا تَكُونُ وَحِيدًا وَيَدْرَأُ عَنْكَ هَوَامَّ الأَرْضِ، وَكُلَّ أَذًى وَلا يَخْذُلُكَ فِي قَبْرِكَ وَلا فى شئ مِنْ مَوَاطِنِ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُدْخِلَكَ الْجَنَّةَ بِرَحْمَةِ رَبِّكَ فَنَمْ سَعِيدًا طُوبَى لَكَ وَحُسْنُ مَآبٍ، ثُمَّ يُسَلِّمَانِ عَلَيْهِ وَيَنْصَرِفَانِ عَنْهُ، قُلْتُ يَا جِبْرِيلُ لَقَدْ شَوَّقْتَنِي إِلَى الْمَوْتِ مِنْ حُسْنِ حَدِيثِكَ فَادْنُنِي مِنْ مَلَكِ الْمَوْتِ أُكَلِّمُهُ فَأَدْنَانِي مِنْهُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ هَذَا نَبِيُّ الرَّحْمَةِ الَّذِي أَرْسَلَهُ اللَّهُ فِي الْعَرَبِ رَسُولا نَبِيًّا، فَرَحَّبَ بِي وَحَيَّانِي بِالسَّلامِ، وَأَنْعَمَ بَشَاشَتِي وَأَحْسَنَ بُشْرَايَ، ثُمَّ قَالَ أَبْشِرْ يَا مُحَمَّدُ فَإِنَّ لَكَ الْخَيْرَ كُلَّهُ فِي أُمَّتِكَ فَقُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَنَّانِ بِالنِّعَمِ، ذَلِكَ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّي بِي وَنِعْمَتِهِ لَدَيَّ، ثُمَّ قُلْتُ مَا هَذَا اللَّوْحُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ، قَالَ مَكْتُوبٌ فِيهِ آجَالُ الْخَلْقِ قُلْتُ أَفَلا تُخْبِرُنِي عَمَّنْ قَبَضْتَ رُوحَهُ فِي الدُّهُورِ الْخَالِيَةِ، قَالَ: تِلْكَ الأَرْوَاحُ فِي أَلْوَاحٍ أُخْرَى قَدْ عَلَّمْتُ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ أَصْنَعُ بِكُلِّ ذِي رُوحٍ إِذَا قَبَضْتُ رُوحَهُ عَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا مَلَكَ الْمَوْتِ فَكَيْفَ تَقْدِرُ عَلَى أَرْوَاحِ جَمِيعِ مَنْ فِي الأَرْضِ أَهْلِ بِلادِهَا وَكُورِهَا وَمَا بَيْنَ مَشَارِقِهَا وَمَغَارِبِهَا قَالَ: أَلا ترى أَن الدِّينَا كُلَّهَا بَيْنَ رُكْبَتَيَّ وَجَمِيعَ الْخَلائِقِ بَيْنَ عَيْنَيَّ وَيَدَايَ تَبْلُغَانِ الْمَشْرِقَ وَالْمَغْرِبَ وَخَلْفَهُمَا بَعِيدًا، فَإِذَا نَفِدَ أَجَلُ عَبْدٍ نَظَرْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا أَبْصَرَ أَعْوَانِي مِنَ الْمَلائِكَةِ نَظَرِي إِلَى عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِ اللَّهِ عَرَفُوا أَنَّهُ مَقْبُوضٌ، فَعَمِدُوا إِلَيْهِ وَبَطَشُوا بِهِ يُعَالِجُونَ مِنْ نَزْعِ رُوحِهِ، فَإِذَا بَلَغَتِ الرُّوحُ الْحُلْقُومَ، عَلِمْتُ ذَلِكَ وَلا يَخْفَى عَلَيَّ من أمره شئ، مَدَدْتُ يَدِي إِلَيْهِ فَانْتَزَعْتُ رُوحَهُ مِنْ جَسَدِهِ وَأَقْبِضُهُ، فَذَلِكَ أَمْرِي وَأَمْرُ ذَوِي الأَرْوَاحِ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ فَأَبْكَانِي حَدِيثُهُ، ثُمَّ جَاوَزْنَاهُ فَمَرَرْتُ بِمَلَكٍ عَظِيمٍ مَا رَأَيْتُ خَلْقًا مِنَ الْمَلائِكَةِ مِثْلَهُ كَالِحَ الْوَجْهِ كَرِيهَ الْمَنْظَرِ شَدِيدَ الْبَطْشِ ظَاهِرَ الْغَضَبِ، فَلَمَّا نَظَرْتُ إِلَيْهِ رعبت فَقلت: يَا جِبْرِيل