أقبل الناس على الدنيا وأقبلت على عمر" فكان عامة حديثه عن عمر قال الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح". وروى الطبراني في الكبير عن حميد قال: "كنا مع أنس بن مالك رضي الله عنه فقال: "والله ما كل ما نحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعناه منه ولكن لم يكن يكذب بعضنا بعضا". قال الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح". وروى الإمام أحمد عن البراء رضي الله عنه قال: "ما كل الحديث سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحدثنا أصحابه عنه كانت تشغلنا عنه رعية الإبل".
قال الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح"..
وأما عمر رضي الله عنه فإنه كان أعلم الأمة بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنه وقد تقدم ذكر ما وصفه به ابن مسعود وحذيفة وسعيد بن المسيب وعمرو بن وإبراهيم النخعي من غزارة العلم. وهذا العلم الغزير الذي امتاز به عمر رضي الله عنه على سائر الصحابة إنما كان بالفهم في كتاب الله تعالى وكثرة الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والفهم لأقوال الرسول صلى الله عليه وسلم والعلم بأفعاله.
والأسباب في قلة الرواية عن عمر رضي الله عنه هي نفس الأسباب المذكورة في قلة الرواية عن أبي بكر رضي الله عنه. وتزيد عليها بسبب آخر وهو أن عمر رضي الله عنه كان يحث الناس على قراءة القرآن وحفظه والتفهم لما فيه وينهاهم عن الإكثار من الرواية خوفا من التزيد في الأحاديث والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد كان الناس يهابونه أشد الهيبة فلا يخالفون أمره ولا يرتكبون نهيه ولا يتجاسرون على سؤاله عما عنده من الأحاديث كما يتجاسرون على سؤال غيره من الصحابة فلهذا كان المروي عنه من الأحاديث قليلا بالنسبة لما يروى عن المكثرين من الحديث.
وقد قال محمد بن سعد في الطبقات: "قال محمد بن عمر الأسلمي - يعني الواقدي - إنما قلَّت الرواية عن الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم هلكوا قبل أن يحتاج إليهم وإنما كثرت عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب لأنهما وليا فسئلا وقضيا بين الناس. وكل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا أئمة يقتدى بهم ويحفظ عليهم ما كانوا يفعلون ويستفتون فيفتون وسمعوا أحاديث فأدوها فكان الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أقل حديثا عنه من غيرهم مثل أبي بكر وعثمان وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن