يوصف بها الذات لا بد منها لكل عاقل، ولا خروج عن ذلك إلا بجحد وجود الموجودات مطلقا، وأما من جعل وجود العلم هو وجود القدرة، ووجود القدرة هو وجود الإرادة فطرد هذه المقالة يستلزم أن يكون وجود كل شيء هو عين وجود الخالق تعالى وهذا منتهى الاتحاد وهو مما يعلم بالحس والعقل والشرع أنه في غاية الفساد، ولا مخلص من هذا إلا بإثبات الصفات، مع نفى مماثلة المخلوقات وهو دين الذين آمنوا وعملوا الصالحات – ثم ذكر كلاما طويلا تركناه خشية الإطالة.
وقال الإمام أحمد في الرد الزنادقة: فقالت الجهمية لنا – لما وصفنا الله: هذه الصفات إن زعمتم أن الله ونوره، والله وعظمته، والله وقدرته، فقد قلتم بقول النصارى حين زعمتم أن الله لم يزل ونوره ولم يزل وقدرته. فقلنا لا نقول: إن الله لم يزل وقدرته ونوره، ولكن نقول: لم يزل بقدرته وبنور، لا متي قدر ولا كيف قدر؟ وقالوا: لا تكونوا موحدين أبدا حتى تقولوا: كان الله ولا شيء. فقلنا: نحن نقول كان الله ولا شيء، ولكن إذا قلنا إن الله لم يزل بصفاته كلها أليس إنما نصف إلها واحدا بجميع صفاته، وضربنا لهم في ذلك مثلا، فقلنا: أخبرونا عن هذه النخلة أليس لها جذوع وكرب وليف وسعف وخوص وجُمّار واسمها اسم شيء واحد، نخلة. سميت نخلة بجميع صفاتها، فكذلك الله سبحانه وتعالى، وله المثل الأعلى بجميع صفاته إله واحد، ولا نقول إنه كان في وقت من الأوقات ولا قدرة حتى خلق القدرة والذي ليس له قدرة هو عاجز، ولا نقول قد في وقت من الأوقات ولا