ونحو ذلك من الأفعال التي ينزه الرب عنها لقسطه وعدله وهو قادر عليها، وإنما استحق الحمد والثناء لأنه ترك هذا الظلم وهو قادر عليه. وكما أن الله منزه عن صفات النقص والعيب، فهو أيضا منزه عن أفعال النقص والعيب، وعلى قول الفريق الثاني ما ثم فعل يجب تنزيه الله عنه أصلا، والكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وأئمتها يدل على خلاف ذلك إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى، فمن أراد الوقوف عليه فهو في الجلد الأول من الفتاوى في صفحة اثنتين وأربعين وثلاث مائة. إذا تحققت هذا وتبين لك من شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه أن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحداً من عباده بغير ذنب، لأنه نزه نفسه عن ذلك فلا يريده بل يكرهه ويبغضه، لأنه حرمه على نفسه وإن كان قادرً عليه، فتبين بهذا خطأ الناظم والشارح حيث توهما أن ذلك جائز بغير ذنب ولا جرم استحق به العقاب والعذاب، فإن هذا هو حقيقة قول الفريق الثاني الذين قابلوا باطلا بباطل حيث قالوا ما ثم فعل يجب تنزيه الله عنه أصلا.
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى في شفاء العليل في مناظرة جرت بين سني وجبري، قال السني في جواب الجبري: وصرحت بأنه يجوز عليه أن يعذب أشد العذاب لمن لم يعصه طرفة عين، فإن حكمته ورحمته لا تمنع ذلك بل هو جائز عليه ولولا خبره عن نفسه بأنه لا يفعل ذلك لم تنزهه عنه. وقلت إن تكليفه عباده بما كلفهم به بمنزلة تكليف الأعمى للكتابة، والزمن للطيران، فبغضت الرب إلى من دعوته إلى هذا الاعتقاد ونفرته