...
" فصل "
ومنها ما ذكره الشارح في صفحة خمس وثلاثين على قول الناظم:
وجاز للمولى يعذب الورى ... من غير ما ذنب ولا جرم جرى
إلى آخره.
قال الشارح: وجاز للمولى جل جلاله – وهو رب العالمين – يعذب الورى أي الخلق من غير ذنب أي إثم ولا جرم هو بمعنى ما قبله، وعطفه عليه لزيادة البيان، جرى من العدم إلى قوله: حتى إثابة العاصي وعقوبة المطيع إلى قوله: لأنه تعالى لو عذبهم لعذبهم بعدله الخالص من شائبة الظلم لأنه تعالى تصرف في ملكه، والعدل وضع الشيء في محله من غير اعتراض على الفاعل عكس الظلم – إلى آخر كلامه.
فأقول: اعلم وفقك الله أن هذا الكلام الذي قاله الناظم، والشارح يخالف ما قاله المحققون من أهل العلم، بل هو من كلام أهل البدع الذين قابلوا باطلا بباطل المخالفين لأئمة السلف رضوان الله تعالى عليهم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه بعد كلام له سبق: وهذه النصوص النافية للظلم تثبت العدل في الجزاء وأنه لا يبخس عاملا عمله، وكذلك قوله فيمن عاقبهم: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْء} ، وقوله: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ}