الأئمة على أنهم يعلمون معنى هذا المتشابه وأن لا يسكت عن بيانه وتفسيره بل يبين ويفسر، فاتفاق الأئمة من غير تحريف له عن مواضعه أو الحاد في أسماء الله وآياته. ثم تأمل ما ذكر الشارح يقوله: فمذهب السلف عدم الخوض في هذا والسكوت عنه فإنه يخالف ما ذكره شيخ الإسلام عن اتفاق الأئمة على أنهم يعلمون معنى هذا المتشابه، وأن لا يسكت عن بيانه في تفسيره، فتبين أن هذا ليس هو مذهب السلف وأنه من القول عليهم بلا علم ولا برهان يدل على ذلك.
ثم قال شيخ الإسلام: ومما يوضح لك ما وقع هنا من الاضطراب أن أهل السنة متفقون على إبطال تأويلات الجهمية ونحوهم من المحرفين الملحدين، والتأويل المردود هو صرف الكلام عن ظاهره إلى ما يخالف ظاهره، فلو قيل: إن هذا هو التأويل المذكور في الآية وأنه لا يعلمه إلا الله وليس هذا مذهب السلف والأئمة وإنما مذهبهم نقي هذه التأويلات وردها لا التوقف عنها، وعندهم قراءة الآية والحديث تفسيرها وتمر كما جاءت دالة على المعاني لا تحرف ولا يلحد فيها. وذكر كلاما طويلا أجاد فيه وأفاد، وبلغ غاية المراد، فمن أراد الوقوف عليه فهو في الرسالة المسماة بالإكليل في المتشابه والتأويل، وإنما لم نذكره خوف الإطالة إذ المقصود التنبيه على هذه الورطات.