لمعنيين: حق وباطل فلا ينفصل النزاع إلا بتفصيل تلك المعاني وتنزيل ألفاظها عليها. ولا ريب أن الله تبارك وتعالى لم يزل ولا يزال موصوفا بصفات الكمال المشتقة أسماؤه منها، فلم يزل بصفاته وأسمائه وهو إله واحد له الأسماء الحسنى والصفات العلى، وصفاته وأسماؤه داخلة في مسمى اسمه وإن كان لا يطلق على الصفة وحدها أنها إله يخلق ويرزق فليست صفاته وأسماؤه غيره، وليست هي نفس الإله. وبلاء القوم من لفظة الغير فإنها يراد بها معنيين: أحدهما: المغاير لتلك الذات المسماة بالله وكل ما غاير الله مغايرة محضة بهذا الاعتبار فلا يكون إلا مخلوقا، ويراد به مغايرة الصفة للذات إذا جردت عنها. فإذا قيل علم الله وكلام الله غيره بمعنى أنه غير الذات المجردة عن العلم والكلام كان المعنى صحيحا ولكن الإطلاق باطل، فإذا أريد أن العلم هو الكلام "؟ " المغاير الحقيقة المختصة التي امتاز بهما عن غيره كان باطلا لفظا ومعنى، وبهذا أجاب أهل السنة المعتزلة القائلين بخلق القرآن، قالوا كلامه تعالى داخل في مسمى اسمه، فالله تعالى اسم للذات الموصوفة بصفات الكمال، ومن تلك الصفات صفة الكلام كما أن علمه وقدرته وحياته وسمعه وبصره غير مخلوق، ولا يقال إنه غير الله، فكيف يقال إن بعض ما تضمنه وهو أسماؤه مخلوقة، وهي غيره، فقد حصحص الحق بحمد لله، وانحسم الإشكال، وأن أسماءه الحسنى التي في القرآن من كلامه، وكلامه غير مخلوق، ولا يقال: هو غيره، ولا هو هو، وهذا المذهب مخالف لمذهب المعتزلة الذين يقولون أسماؤه تعالى غيره، وهي مخلوقة، ولمذهب من رد عليهم