الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلَهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلَهَا "، فَهَذَا الْحَدِيثُ مُوَافِقٌ لِلْحَدِيثِ الْأَوَّلِ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ» فَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ يَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَجْعَلَ خَاتِمَتَهُ بِخَيْرٍ، فَإِنَّ أَكْثَرَ مَا يُخَافُ ذَهَابُ الْإِيمَانِ عِنْدَ النَّزْعِ
وَذُكِرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُعَاذٍ الرَّازِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى , أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّ أَكْثَرَ سُرُورِي فِيمَا أَكْرَمْتَنِي بِالْإِيمَانِ، وَأَخَافُ أَنْ تَنْزِعَهُ مِنِّي فَمَا دَامَ هَذَا الْخَوْفُ مَعِي أَرْجُو أَنْ لَا تَنْزِعَهُ مِنِّي وَسُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ الْحَكِيمُ بِسَمَرْقَنْدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَلْ مِنْ ذَنْبٍ يَنْزِعُ الْإِيمَانَ مِنَ الْعَبْدِ؟ قَالَ: نَعَمْ ثَلَاثَةٌ مِنَ الذُّنُوبِ تَنْزِعُ الْإِيمَانَ مِنَ الْعَبْدِ: أَوَّلُهَا أَنْ لَا يَشْكُرَ اللَّهَ عَلَى مَا أَكْرَمَهُ بِهِ مِنَ الْإِيمَانِ، وَالثَّانِي أَنْ لَا يَخَافَ فَوْتَ الْإِيمَانِ عَنْهُ، وَالثَّالِثُ أَنْ يَظْلِمَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ.
وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يُعَذَّبُ الرَّجُلُ فِي النَّارِ أَلْفَ سَنَةٍ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهَا إِلَى الْجَنَّةِ، ثُمَّ قَالَ الْحَسَنُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ أَنَا ذَلِكَ الرَّجُلَ، وَإِنَّمَا قَالَ الْحَسَنُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ خَافَ عَاقِبَةَ أَمْرِهِ، هَكَذَا كَانَ الصَّالِحُونَ يَخَافُونَ خَاتِمَةَ أَمْرِهِمْ