النَّاسُ يَخْتَالُونَ، وَيَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يَكُونَ مَحْزُونًا، حَلِيمًا، سَكِينًا، لَيِّنًا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ جَافِيًا، وَلَا غَافِلًا، وَلَا صَيَّاحًا، وَلَا حَدِيدًا قَالَ شَقِيقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَيْسَ لِلْعَبْدِ صَاحِبٌ خَيْرًا لَهُ مِنَ الْهَمِّ وَالْخَوْفِ، هَمٌّ فِيمَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ، وَخَوْفٌ فِيمَا بَقِيَ لَا يَدْرِي مَا يَنْزِلُ بِهِ وَقَالَ حَكِيمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: مَنِ اهْتَمَّ وَحَزِنَ فِي غَيْرِ ثَلَاثَةٍ، فَإِنَّهُ لَمْ يَعْرِفِ الْحُزْنَ وَلَا السُّروُرَ، أَحَدُهَا: هَمُّ الْإِيمَانِ أَنَّهُ يَخْتِمُ عُمْرَهُ بِهِ أَمْ لَا، وَالثَّانِي: هَمُّ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، أَنَّهُ يَتِمُّ أَمْ لَا.

وَالثَّالِثُ: هَمُّ الْخُصَمَاءَ أَنَّهُ يَنْجُو مِنْهُمْ أَمْ لَا

913 - وَرَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ: «مَا اغْرَوْرَقَتْ عَيْنٌ بِمَائِهَا إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ إِحْرَاقَهَا، فَإِنْ فَاضَتْ عَلَى وَجْهِ صَاحِبِهَا، لَمْ يَرْهَقْ وَجْهَهُ قَتَرٌ، وَلَا ذِلَّةٌ، وَمَا مِنْ عَمَلِ بِرٍّ إِلَّا وَلَهُ ثَوَابٌ إِلَّا الدَّمْعَةَ فَإِنَّهَا تُطْفِئُ بُحُورًا مِنْ نَارٍ، وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي أُمَّةٍ، لَرَحِمَ اللَّهُ تِلْكَ الْأُمَّةَ بِبُكَاءِ ذَلِكَ الْعَبْدِ» .

وَرُوِيَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: لَأَنْ أَبْكِيَ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى يَسِيلَ الدَّمْعُ عَلَى وَجْنَتَيَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِوَزْنِ نَفْسِي ذَهَبًا، وَمَا مِنْ بَاكٍ يَبْكِي مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى، حَتَّى تَسِيلَ قَطْرَةٌ مِنْ دُمُوعِهِ عَلَى الْأَرْضِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ حَتَّى يَرْجِعَ قَطْرُ السَّمَاءِ وَلَيْسَ بِرَاجِعٍ، كَمَا أَنَّ الْقَطْرَ إِذَا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهَا أَبَدًا، فَكَذَلِكَ الَّذِي يَبْكِي فِي الدُّنْيَا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى، لَا تَمَسُّهُ النَّارُ أَبَدًا.

914 - وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَخْرُجُ مِنْ عَيْنِهِ مِنَ الدُّمُوعِ مِثْلُ الذُّبَابِ أَوْ رَأْسِ الذُّبَابِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَيُصِيبَ حَرَّ وَجْهِهِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ أَبَدًا» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015