بَابٌ فِي فَضْلِ الْحَجِّ
760 - قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ زَكَرِيَّا، بِإِسْنَادِهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى، إِذْ أَقْبَلَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْيَمَنِ فَقَالُوا: فِدَاكَ الْأُمَّهَاتُ وَالْآبَاءُ، أَخْبِرْنَا بِفَضَائِلِ الْحَجِّ؟ قَالَ: " بَلَى، أَيُّ رَجُلٍ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فَكُلَّمَا رَفَعَ قَدَمًا، وَوَضَعَ قَدَمًا تَنَاثَرَتِ الذُّنُوبُ مِنْ بَدَنِهِ، كَمَا يَتَنَاثَرُ الْوَرَقُ مِنَ الشَّجَرِ، فَإِذَا وَرَدَ الْمَدِينَةَ، وَصَافَحَنِي بِالسَّلَامِ، صَافَحَتْهُ الْمَلَائِكَةُ بِالسَّلَامِ، فَإِذَا وَرَدَ ذَا الْحُلَيْفَةَ، وَاغْتَسَلَ طَهَّرَهُ اللَّهُ مِنَ الذُّنُوبِ، وَإِذَا لَبِسَ ثَوْبَيْنِ جَدِيدَيْنِ جَدَّدَ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْحَسَنَاتِ وَإِذَا قَالَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، أَجَابَهُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: بِلَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ أَسْمَعُ كَلَامَكَ، وَأَنْظُرُ إِلَيْكَ، فَإِذَا دَخَلَ مَكَّةَ، وَطَافَ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ، وَاصَلَ اللَّهُ لَهُ الْخَيْرَاتِ، فَإِذَا وَقَفُوا بِعَرَفَاتٍ، وَضَجَّتِ الْأَصْوَاتُ بِالْحَاجَاتِ، بَاهَى اللَّهُ بِهِمْ مَلَائِكَةَ سَبْعِ سَمَوَاتٍ، وَيَقُولُ: مَلَائِكَتِي وَسُكَّانَ سَمَوَاتِي، أَمَا تَرَوْنَ إِلَى عِبَادِي، أَتَوْنِي مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ شُعْثًا غُبْرًا قَدْ أَنْفَقُوا الْأَمْوَالَ وَأَتْعَبُوا الْأَبْدَانَ فَوَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَكَرَمِي لَأَهَبَنَّ مُسِيئَهُمْ بِمُحْسِنِهِمْ، وَلَأُخْرِجَنَّهُمْ مِنَ الذُّنُوبِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُمْ أُمَّهَاتُهُمْ، فَإِذَا رَمَوُا الْجِمَارَ، وَحَلَقُوا الرُّءُوسَ، وَزَارُوا الْبَيْتَ نَادَى مُنَادٍ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ، ارْجِعُوا مَغْفُورًا لَكُمْ وَاسْتَأْنِفُوا الْعَمَلَ "