الْمُؤْمِنِينَ كُلَّهُمْ إِخْوَةً لِي، وَالْأَخُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُشْفِقًا عَلَى أَخِيهِ، وَرَأَيْتُ الْعَدَاوَةَ الَّتِي تَقَعُ بَيْنَ النَّاسِ أَصْلَهَا مِنَ الْحَسَدِ، فَاجْتَهَدْتُ حَتَّى أَخْرَجْتُ الْحَسَدَ مِنْ قَلْبِي، حَتَّى صَارَ قَلْبِي بِحَالٍ لَوْ أَصَابَ الْمُؤْمِنَ هَمٌّ بِالْمَشْرِقِ، جَعَلْتُ أَهْتَمُّ حَتَّى كَأَنَّهُ أَصَابَنِي، وَلَوْ أَصَابَ مُسْلِمًا خَيْرٌ فِي الْمَغْرِبِ أُسِرُّ بِهِ حَتَّى كَأَنَّهُ أَصَابَنِي.
فَقَالَ لَهُ شَقِيقٌ: نِعْمَ مَا فَهِمْتَ، فَمَا الثَّالِثَةُ؟ قَالَ: نَظَرْتُ فَوَجَدْتُ لِكُلِّ إِنْسَانٍ حَبِيبًا، وَلَا بُدَّ لِلْحَبِيبِ أَنْ يُظْهِرَ لِلْحَبِيبِ مَحَبَّتَهُ، فَوَجَدْتُ حَبِيبِي طَاعَةَ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْأَحِبَّاءِ كُلِّهِمْ يَنْقَطِعُونَ عَنِّي إِلَّا طَاعَةَ اللَّهِ، فَإِنَّهَا مَعِي فِي الْقَبْرِ، وَفِي الْمَحْشَرِ، وَعَلَى الصِّرَاطِ، فَانْقَطَعْتُ عَنْ جَمِيعِ الْأَحِبَّةِ، وَاتَّخَذْتُ طَاعَةَ اللَّهِ حَبِيبًا.
فَقَالَ لَهُ شَقِيقٌ: نِعْمَ مَا فَهِمْتَ، فَمَا الرَّابِعَةُ؟ قَالَ: نَظَرْتُ فَوَجَدْتُ لِكُلِّ إِنْسَانٍ عَدُوًّا، وَلَابُدَّ لِلْعَدُوِّ مِنْ عُدْوَانِهِ، وَالْحَذَرِ عَنْهُ، فَرَأَيْتُ عَدُوِّي الْكَافِرَ وَالشَّيْطَانَ، فَرَأَيْتُ عَدَاوَةَ الْكَافِرِ أَيْسَرَ لِأَنَّهُ إِنْ قَاتَلَنِي فَقَتَلَنِي كُنْتُ شَهِيدًا، وَإِنْ قَتَلْتُهُ كُنْتُ مَأْجُورًا، فَرَأَيْتُ عَدَاوَةَ الشَّيْطَانِ أَشَدَّ، لِأَنَّهُ يَرَانِي مِنْ حَيْثُ لَا أَرَاهُ، فَيُرِيدُ أَنْ يَجْعَلَنِي مَعَ نَفْسِهِ مِنَ النَّارِ، فَاشْتَغَلْتُ بِعَدَاوَتِهِ مَا عِشْتُ، وَتَرَكْتُ عَدَاوَةَ غَيْرِهِ.
فَقَالَ لَهُ شَقِيقٌ: نِعْمَ مَا فَهِمْتَ، فَمَا الْخَامِسَةُ؟ قَالَ: نَظَرْتُ فَوَجَدْتُ لِكُلِّ إِنْسَانٍ بَيْتًا وَلَابُدَّ لِلْبَيْتِ مِنَ الْعِمَارَةِ، فَرَأَيْتُ مَنْزِلِي الْقَبْرَ فَاشْتَغَلْتُ بِعِمَارَتِهِ.
فَقَالَ لَهُ شَقِيقٌ: نِعْمَ مَا فَهِمْتَ.
فَمَا السَّادِسَةُ؟ قَالَ: نَظَرْتُ فَوَجَدْتُ لِكُلِّ شَيْءٍ طَالِبًا، فَرَأَيْتُ طَالِبِي مَلَكَ الْمَوْتِ وَلَا أَدْرِي مَتَى يَأْتِينِي، فَاسْتَعْدَدْتُ لَهُ كَالْعَرُوسِ تُزَفُّ إِلَى مَنْزِلِ زَوْجِهَا، فَمَتَى جَاءَنِي لَا أَطْلُبُ مِنْهُ التَّأْخِيرَ فَقَالَ لَهُ شَقِيقٌ: نِعْمَ مَا فَهِمْتَ إِنْ عَمِلْتَ بِهَا نَجَوْتُ أَنَا وَأَنْتَ
731 - وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى , قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أُخَلِّي نَاقَتِي وَأَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ أَوْ أَعْقِلُهَا، وَأَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ.
قَالَ: «بَلِ اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ» وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: صِفَةُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى ثَلَاثُ خِصَالٍ: الثِّقَةُ بِاللَّهِ فِي كُلِّ