بُغْيَتِكُمْ، فَيَجِيئُونَ فَيَحُفُّونَ بِهِمْ، فَإِذَا صَعَدُوا إِلَى السَّمَاءِ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تَرَكْتُمْ عِبَادِي يَصْنَعُونَ؟ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ، قَالُوا: تَرَكْنَاهُمْ يَحْمَدُونَكَ وَيُسَبِّحُونَكَ وَيَذْكُرُونَكَ.
فَيَقُولُ: فَأَيُّ شَيْءٍ يَطْلُبُونَ؟ فَيَقُولُونَ الْجَنَّةَ.
فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: هَلْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: لَا.
فَيَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْهَا لَكَانُوا أَشَدَّ لَهَا طَلَبًا وَأَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا.
فَيَقُولُ: فَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَتَعَوَّذُونَ؟ فَيَقُولُونَ: يَتَعَوَّذُونَ مِنَ النَّارِ.
فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: هَلْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: لَا، فَيَقُولُ: كَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْهَا لَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا هَرَبًا وَأَشَدَّ مِنْهَا خَوْفًا، فَيَقُولُ: إِنِّي أُشْهِدُكُمْ يَا مَلَائِكَتِي أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ.
فَيَقُولُونَ: إِنَّ فِيهِمْ فُلَانًا الْخَاطِئَ لَمْ يُرِدْهُمْ وَإِنَّمَا جَاءَهُمْ لِحَاجَةٍ.
فَيَقُولُ: هُمُ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى جَلِيسُهُمْ "
وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: مَثَلُ جَلِيسٍ صَالِحٍ كَمَثَلِ حَامِلِ الْمِسْكِ، إِنْ لَمْ يُعْطِكَ مِنْهُ أَصَابَكَ مِنْ رِيحِهِ، وَمَثَلُ جَلِيسِ السُّوءِ كَمَثَلِ الْقَيْنِ إِنْ لَمْ يَحْرِقْ ثِيَابَكَ أَصَابَكَ مِنْ دُخَانِهِ وَعَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، كَتَبَ كَلِمَتَيْنِ، وَوَضَعَهُمَا تَحْتَ الْعَرْشِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ، وَلَمْ يُعْلِمَ الْمَلَائِكَةَ عَنْ عِلْمِهِمَا، وَأَنَا أَعْلَمُ بِهِمَا.
قِيلَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ وَمَا هُمَا؟ قَالَ: إِحْدَاهُمَا كُتِبَ لَوْ كَانَ رَجُلٌ يَعْمَلُ عَمَلَ جَمِيعَ الصَّالِحِينَ بَعْدَ أَنْ تَكُونَ صُحْبَتُهُ مَعَ الْفُجَّارِ، فَأَنَا الَّذِي أَجْعَلُ عَمَلَهُ إِثْمًا، وَأَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ الْفُجَّارِ، وَالْأُخْرَى لَوْ كَانَ رَجُلٌ يَعْمَلُ عَمَلَ جَمِيعِ الْأَشْرَارِ بَعْدَ أَنْ تَكُونَ صُحْبَتُهُ مَعَ الصَّالِحِينَ، وَالْأَبْرَارِ، وَيُحِبُّهُمْ فَأَنَا الَّذِي أَجْعَلُ آثَامَهُ حَسَنَاتٍ، وَأَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ الْأَبْرَارِ قَالَ الْفَقِيهُ رَحِمَهُ اللَّهُ: يُقَالُ مَنِ انْتَهَى إِلَى الْعَالِمِ، وَجَلَسَ مَعَهُ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَحْفَظَ الْعِلْمَ، فَلَهُ سَبْعُ كَرَامَاتٍ أَوَّلُهَا: يَنَالُ فَضْلَ الْمُتَعَلِّمِينَ.