وَالْخَامِسُ: أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: إِنَّ الدُّنْيَا عِنْدَ اللَّهِ لَا تُسَاوِي جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، وَقَدِ اطْمَأْنَنْتُمْ إِلَيْهَا.
وَالسَّادِسُ: أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: إِنَّهَا زَائِلَةٌ وَأَعْمَالُكُمْ أَعْمَالُ الْمُقِيمِينَ بِهَا.
وَالسَّابِعُ: أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: إِنَّ الْآخِرَةَ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَلَا تَجْتَهِدُونَ فِي طَلَبِهَا وَتَخْتَارُونَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ.
قَالَ الْفَقِيهُ رَحِمَهُ اللَّهُ: يَنْبَغِي لِمَنْ دَعَا اللَّهَ أَنْ يَكُونَ بَطْنُهُ ظَاهِرًا مِنَ الْحَرَامِ، فَإِنَّ الْحَرَامَ يَمْنَعُ الْإِجَابَةَ
611 - وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَدْعُو اللَّهَ فَلَا يَسْتَجِيبُ لِي دُعَائِي.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا سَعْدُ اجْتَنِبِ الْحَرَامَ، فَإِنَّ كُلَّ بَطْنٍ دَخَلَ فِيهِ لُقْمَةٌ مِنْ حَرَامٍ لَا يُسْتَجَابُ دُعَاؤُهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَيَنْبَغِي لِمَنْ دَعَا أَنْ لَا يَسْتَعْجِلَ، لِأَنَّ الدَّاعِيَ إِذَا دَعَا الرَّبَّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَجَابَهُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ الْبَتَّةَ، وَرُبَّمَا تَتَبَيَّنُ الْإِجَابَةُ مِنْ سَاعَتِهِ وَرُبَّمَا تَتَبَيَّنُ فِي وَقْتٍ آخَرَ، وَرُبَّمَا تَتَبَيَّنُ فِي الْآخِرَةِ وَلَا تَتَبَيَّنُ فِي الدُّنْيَا» وَذُكِرَ فِي الْخَبَرِ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ دَعَا عَلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ بِالْهَلَاكِ، وَأَمَّنَ هَارُونُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَأَوْحَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَيْهِمَا قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، كَانَ بَيْنَ الدُّعَاءِ وَبَيْنَ الْإِجَابَةِ أَرْبَعُونَ سَنَةً
612 - وَرَوَى يَزِيدُ الرُّقَاشِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا ضَرَبَ وَجْهَهُ بِالْبَلَاءِ، كَمَا تُضْرَبُ الْغَرِيبَةُ مِنَ الْإِبِلِ عَنْ حِيَاضِ الْمَاءِ، فَيَكُونُ مَرْحُومًا فِي أَهْلِ السَّمَاءِ.
وَمَا مِنْ دَعْوَةٍ يَدْعُو بِهَا إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى إِحْدَى خِصَالٍ ثَلَاثٍ» .
وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: أَرْبَعَةٌ لَا سَعَادَةَ فِيهِمْ، أَحَدُهُمْ: الَّذِي يَبْخَلُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالثَّانِي: الَّذِي لَا يُجِيبُ الْمُؤَذِّنَ.
وَالثَّالِثُ: مَنِ اسْتَعَانَ بِهِ إِنْسَانٌ بِخَيْرٍ، فَلَا يُعِينُهُ.
وَالرَّابِعُ: الَّذِي يَعْجَزُ أَنْ يَدْعُوَ لِنَفْسِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ دُبُرَ صَلَوَاتِهِ.