أَجَلْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ قَدْ بَيَّنَ لَنَا أَنَّا وَارِدُونَ النَّارَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَنَّا صَادِرُونَ عَنْهَا وَعَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى , أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي لَا أَغْبِطُ مَلَكًا مُقَرَّبًا، وَلَا نَبِيًا مُرْسَلًا، أَلَيْسَ هَؤُلَاءِ يُعَاتَبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ إِنَّمَا أَغْبِطُ مَنْ لَمْ يُخْلَقْ وَقَالَ حَكِيمٌ مِنَ الْحُكَمَاءِ: الْحُزْنُ يَمْنَعُ الطَّعَامَ، وَالْخَوْفُ يَمْنَعُ الذُّنُوبَ، وَالرَّجَاءُ يُقَوِّي عَلَى الطَّاعَةِ، وَذِكْرُ الْمَوْتِ يُزَهِّدُ فِي الْفُضُولِ.
588 - وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا اقْشَعَرَّ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى تَحَاتَّتَ عَنْهُ خَطَايَاهُ، كَمَا يَتَحَاتُّ مِنَ الشَّجَرَةِ وَرَقُهَا» .
589 - وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ آلُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «آلِي كُلُّ مُؤْمِنٍ تَقِيٍّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، أَلَا إِنَّ أَوْلِيَائِي هُمُ الْمُتَّقُونَ، وَلَا فَضْلَ لِأَحَدٍ مِنْكُمْ إِلَّا بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»
590 - وَرَوَى الرَّبِيعُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ: «ثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ وَثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ.
فَأَمَّا الْمُهْلِكَاتُ فَشُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوَى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ.
وَأَمَّا الْمُنْجِيَاتُ فَالْعَدْلُ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ، وَالِاقْتِصَادُ فِي الْفَاقَةِ وَالْغِنَى، وَخَشْيَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ» وَذُكِرَ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خَيْثَمَ , أَنَّهُ كَانَ لَا يَزَالُ بَاكِيًا خَائِفًا سَاهِرًا بِاللَّيْلِ، فَلَمَّا رَأَتْ أُمُّهُ مَا بِهِ مِنَ الْجَهْدِ نَادَتْهُ يَا بُنَيَّ: أَقَتَلْتَ قَتِيلًا؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَتْ: فَمَنْ هُوَ حَتَّى نَطْلُبَ الْعَفْوَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ، فَوَاللَّهِ لَوْ يَعْلَمُونَ مَا تَلْقَاهُ لَرَحَمُوكَ؟ قَالَ: يَا أُمَّاهُ قَتَلْتُ نَفْسِي عَلَامَةُ خَوْفِ اللَّهِ تَعَالَى يَتَبَيَّنُ فِي سَبْعَةِ أَشْيَاءَ: أَوَّلُهَا: يَتَبَيَّنُ فِي لِسَانِهِ، فَيَمْتَنِعُ لِسَانُهُ مِنَ الْكَذِبِ، وَالْغِيبَةِ، وَكَلَامِ الْفُضُولِ، وَيَجْعَلُ لِسَانَهُ مَشْغُولًا بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَمُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ.