حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حِبَّانَ الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْمُنَادِي الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَشْعَثَ الْحَرَّانِيِّ، عَنْ أَبِي الْفَرَجِ الْأَزْدِيِّ، " أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ مَرَّ بِقَرْيَةٍ، وَفِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ قَصَّارٌ، فَقَالَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ: يَا عِيسَى إِنَّ هَذَا الْقَصَّارَ يُمَزِّقُ عَلَيْنَا ثِيَابَنَا وَيَحْبِسُهَا فَادْعُ اللَّهَ أَنْ لَا يَرُدَّهُ بِرِزْمَتِهِ.
فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: اللَّهُمَّ لَا تَرُدَّهُ بِرِزْمَتِهِ.
قَالَ: فَذَهَبَ الْقَصَّارُ لِيُقَصِّرَ الثِّيَابَ، وَمَعَهُ ثَلَاثَةُ أَرْغِفَةٍ فَجَاءَهُ عَابِدٌ كَانَ يَتَعَبَّدُ فِي ذَلِكَ الْجَبَلِ، وَسَلَّمَ عَلَى الْقَصَّارِ وَقَالَ: هَلْ عِنْدَكَ خُبْزٌ تُطْعِمُنِي أَوْ تُرِينِي حَتَّى أَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَأَشُمَّ رَائِحَتَهُ، فَإِنِّي لَمْ آكُلِ الْخُبْزَ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا فَأَطْعَمَهُ رَغِيفًا فَقَالَ: يَا قَصَّارُ غَفَرَ اللَّهُ ذَنْبَكَ وَطَهَّرَ قَلْبَكَ.
فَأَعْطَاهُ الثَّانِي.
فَقَالَ: يَا قَصَّارُ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ: فَأَطْعَمَهُ الثَّالِثَ.
فَقَالَ: يَا قَصَّارُ بَنَى اللَّهُ لَكَ قَصْرًا فِي الْجَنَّةِ، فَرَجَعَ الْقَصَّارُ مِنَ الْعَشِيِّ سَالِمًا.
فَقَالَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ: يَا عِيسَى هَذَا الْقَصَّارُ قَدْ رَجَعَ.
فَقَالَ: ادْعُوهُ.
فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ: يَا قَصَّارُ، أَخْبِرْنِي بِمَا عَمِلْتَ الْيَوْمَ.
فَقَالَ: أَتَانِي سَيَّارٌ مِنْ سَيَّارِ تِلْكَ الْجِبَالِ فَاسْتَطْعَمَنِي فَأَطْعَمْتُهُ ثَلَاثَةَ أَرْغِفَةٍ فَبِكُلِّ رَغِيفٍ أَطْعَمْتُهُ دَعَا لِيَ بِدَعَوَاتٍ.
فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: هَاتِ رِزْمَتِكَ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَيْهَا فَأَعْطَاهُ فَفَتَحَهَا فَإِذَا فِيهَا حَيَّةٌ سَوْدَاءُ مُلَجَّمَةٌ بِلِجَامٍ مِنْ حَدِيدٍ.
فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا أَسْوَدُ.
قَالَ: لَبَّيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ.
قَالَ: أَلَسْتَ قَدْ بَعَثْتَ إِلَى هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنْ جَاءَ سَيَّارَةٌ مِنْ تِلْكَ الْجِبَالِ، فَاسْتَطْعَمَهُ فَبِكُلِّ رَغِيفٍ أَطْعَمَهُ دَعَا لَهُ بِدَعْوَةٍ، وَمَلَكٌ قَائِمٌ يَقُولُ: