مَعْرِفَةَ الْفُقَرَاءِ وَاتَّخِذُوا عِنْدَهُمُ الْأَيَادِيَ، فَإِنَّ لَهُمْ دَوْلَةً» .
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا دَوْلَتُهُمْ؟ قَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ؛ قِيلَ لَهُمُ انْظُرُوا مَنْ أَطْعَمَكُمْ كِسْرَةً، أَوْ سَقَاكُمْ شَرْبَةً، أَوْ كَسَاكُمْ ثَوْبًا، فَخُذُوا بِيَدِهِ ثُمَّ امْضُوا بِهِ إِلَى الْجَنَّةِ» .
اعْلَمْ أَنَّ لِلْفَقِيرِ خَمْسَ كَرَامَاتٍ: إِحْدَاهَا أَنَّ ثَوَابَ عَمَلِهِ أَكْثَرُ مِنْ ثَوَابِ عَمَلِ الْغَنِيِّ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ إِذَا اشْتَهَى شَيْئًا وَلَمْ يَجِدْهُ يُكْتَبْ لَهُ الْأَجْرُ.
وَالثَّالِثَةُ: أَنَّهُمْ سَابِقُونَ إِلَى الْجَنَّةِ.
وَالرَّابِعَةُ: أَنَّ حِسَابَهُمْ فِي الْآخِرَةِ أَقَلُّ.
وَالْخَامِسَةُ أَنَّ نَدَامَتَهُمْ أَقَلُّ؛ لِأَنَّ الْأَغْنِيَاءَ يَتَمَنَّوْنَ فِي الْآخِرَةِ لَوْ كَانُوا فُقَرَاءَ، وَلَا يَتَمَنَّى الْفَقِيرُ أَنْ لَوْ كَانَ غَنِيًّا.
وَفِي كُلِّ هَذَا قَدْ جَاءَتِ الْآثَارُ
298 - وَرَوَى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «دِرْهَمٌ مِنَ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفٍ» .
قِيلَ: وَكَيْفَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَخْرَجَ رَجُلٌ مِنْ عَرْضِ مَالِهِ مِائَةَ أَلْفٍ وَتَصَدَّقَ بِهَا، وَأَخَّرَ رَجُلٌ دِرْهَمًا مِنْ دِرْهَمَيْنِ لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهُمَا طِيبَةً مِنْ نَفْسِهِ، فَصَارَ صَاحِبُ الدِّرْهَمِ أَفْضَلُ مِنْ صَاحِبِ الْمِائَةِ أَلْفٍ» .
299 - وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ سَأَلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ إِذَا رَأَيْنَا أَشْيَاءَ نَشْتَهِيهَا لَا نَقْدِرُ عَلَيْهَا فَهَلْ لَنَا فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: «فَبِمَ تُؤْجَرُونَ إِنْ لَمْ تُؤْجَرُوا فِيهَا» .
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: مَنْ دَخَلَ السُّوقَ فَرَأَى شَيْئًا يَشْتَهِيهِ فَصَبَرَ فَاحْتَسَبَ، كَانَ خَيْرًا لَهُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ يُنْفِقُهَا كُلَّهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَالدَّلِيلُ عَلَى فَضْلِ الْفُقَرَاءِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: