يَا أَنَسُ، وَإِذَا قُمْتَ لِلصَّلَاةِ فَانْصِبْ نَفْسَكَ للَّهِ تَعَالَى، وَإِذَا رَكَعْتَ فَاجْعَلْ رَاحَتَيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ، وَفَرِّجْ بَيْنَ أَصَابِعِكَ، وَارْفَعْ عَضُدَيْكَ عَنْ جَنْبَيْكَ، وَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ فَقُمْ حَتَّى يَعُودَ كُلُّ عُضْوٍ إِلَى مَكَانِهِ، وَإِذَا سَجَدْتَ فَأَلْقِ وَجْهَكَ بِالْأَرْضِ وَلَا تَنْقُرْ نَقْرَ الْغُرَابِ، وَلَا تَبْسُطْ ذِرَاعَيْكَ بَسْطَ الثَّعْلَبِ، وَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ السُّجُودِ فَلَا تُقْعِ كَمَا يُقْعِي الْكَلْبُ، وَضَعْ إِلْيَتَكَ بَيْنَ قَدَمَيْكَ، وَالْزَقْ ظَاهِرَ قَدَمَيْكَ بِالْأَرْضِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَنْظُرُ إِلَى صَلَاةٍ لَا يَتِمُّ رُكُوعُهَا وَلَا سُجُودُهَا، وَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ عَلَى الْوُضُوءِ فِي يَوْمِكَ وَلَيْلَتِكَ فَافْعَلْ، فَإِنَّهُ إِنْ يَأْتِكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَفُتْكَ الشَّهَادَةُ.
يَا أَنَسُ، إِذَا دَخَلْتَ بَيْتَكَ فَسَلِّمْ يَعْنِي عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ تَكْثُرْ بَرَكَتُكَ وَبَرَكَةُ بَيْتِكَ.
وَإِذَا خَرَجْتَ لِحَاجَةٍ فَلَا يَقَعَنَّ بَصَرُكَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ قِبْلَتِكَ إِلَّا سَلَّمْتَ عَلَيْهِ تَدْخُلْ حَلَاوَةُ الْإِيمَانِ فِي قَلْبِكَ.
وَإِنْ أَصَبْتَ ذَنْبًا فِي مَخْرَجِكَ رَجَعْتَ وَقَدْ غُفِرَ لَكَ.
يَا أَنَسُ لَا تَبِيتَنَّ لَيْلَةً وَلَا تُصْبِحَنَّ يَوْمًا وَفِي قَلْبِكَ غِشٌّ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ هَذَا مِنْ سُنَّتِي، وَمَنْ أَخَذَ بِسُنَّتِي فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَحَبَّنِي فَهُوَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ.
يَا أَنَسُ، إِذَا عَمِلْتَ بِهَذَا وَحَفِظْتَ وَصِيَّتِي فَلَا يَكُونُ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ فَإِنَّ فِيهِ رَاحَتَكَ»
فَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ إِخْرَاجَ الْغِشِّ مِنَ الْقَلْبِ مِنْ سُنَّتِهِ، فَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُخْرِجَ الْغِلَّ وَالْحَسَدَ مِنْ قَلْبِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ
228 - سَمِعْتُ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَحْكِي بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ: «يَطْلَعُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ مُعَلِّقٌ نَعْلَيْهِ بِشِمَالِهِ» .
فَطَلَعَ رَجُلٌ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَسَلَّمَ وَجَلَسَ مَعَ الْقَوْمِ.
فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ هَيْئَتِهِ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ.
فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَارَ مَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَقَالَ: قَدْ وَقَعَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي كَلَامٌ، وَأَقْسَمْتُ أَنْ لَا أَدْخُلَ عَلَيْهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، فَإِذَا رَأَيْتَ أَنْ تَأْوِينِي إِلَيْكَ لِأَجْلِ يَمِينِي فَعَلْتَ.
قَالَ: نَعَمْ.