فَالْمَشْهُور من مَذْهَب أَحْمد رَحمَه الله وَعَامة أَئِمَّة السّنة تكفيرهم فَإِن قَوْلهم صَرِيح فِي مناقضة مَا جَاءَت بِهِ الرُّسُل من الْكتاب وَالسّنة وَحَقِيقَة قَوْلهم جحود الصَّانِع وجحود مَا أخبر بِهِ عَن نَفسه وعَلى لِسَان رَسُوله بل وَجَمِيع الرُّسُل وَلِهَذَا قَالَ عبد الله بن الْمُبَارك إِنَّا لنحكي كَلَام الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَلَا نستطيع أَن نحكي كَلَام الْجَهْمِية وَبِهَذَا كفرُوا من يَقُول الْقُرْآن مَخْلُوق وَأَن الله لَا يرى فِي الْآخِرَة وَأَن الله لَيْسَ على الْعَرْش وَأَنه لَيْسَ لَهُ علم وَلَا قدرَة وَلَا رَحْمَة وَلَا غضب وَلَا غير ذَلِك من صِفَاته وهم عِنْد كثير من السّلف مثل ابْن الْمُبَارك ويوسف بن أَسْبَاط وَطَائِفَة من أَصْحَاب أَحْمد لَيْسُوا من الثَّلَاث وَسبعين فرقة الَّتِي افْتَرَقت عَلَيْهَا الْأمة انْتهى
وَكَذَلِكَ قَوْله فأضله هَؤُلَاءِ الزَّنَادِقَة الْكفَّار بموافقتهم لَهُ على ظَاهر الْآيَة فَإِن هَذَا لَا يكون عذرا لَهُ وَقد قَالَ تَعَالَى عَن هَذَا الصِّنْف من النَّاس أَنهم يَقُولُونَ {رَبنَا إِنَّا أَطعْنَا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا} وَقَالَ تَعَالَى عَنْهُم {رَبنَا هَؤُلَاءِ أضلونا فآتهم عذَابا ضعفا من النَّار}
وَإِذا أنكر هَذَا الصِّنْف علو الله على خلقه فهم كفار لِأَن الله تَعَالَى فِي أَعلَى عليين وَأَنه يدعى من أَعلَى لَا من أَسْفَل وَمن