قال ابن مالك: (وقد ينكّر العلم تحقيقا أو تقديرا، فيجري مجرى نكرة ويسلب التّعيين بالتّثنية والجمع، فيجبر بحرف التّعريف إلّا في نحو:
جماديين وعمايتين وعرفات).
قال ناظر الجيش: قال المصنف: «قد ينكر العلم تحقيقا (?) كقولك رأيت زيدا من الزّيدين، وما من زيد كزيد بن ثابت، وقضيّة ولا أبا حسن لها، وكقول نوف البكالي (?): «ليس موسى بني إسرائيل هو موسى آخر»، وتنكيره تقديرا مثل قول أبي سفيان: لا قريش بعد اليوم، وكقول بعض العرب: لا بصرة لكم» انتهى (?).
ولم يظهر لي وجه التفرقة بين قولهم: قضية ولا أبا حسن لها، وقولهم: لا قريش بعد اليوم؛ حيث جعل التنكير في الأول تحقيقا وفي الثاني تقديرا، على أنه لما ذكر في باب لا تأويل مباشرتها العلم، قال (?):
«إنّ لا قريش بعد اليوم مؤول بلا بطن من بطون قريش بعد اليوم، وإنّ ولا أبا حسن مؤول بلا مثل أبي حسن». ومقتضى هذا التقرير أن يكون التنكير في الأول تقديرا وفي الثاني تحقيقا.
وينبغي أن يعلم أن العلم إنما يجوز تنكيره بتأويل وهو قليل مع ذلك، وفي عبارة المصنف ما يرشد إلى قلّته، حيث أتى بقد مع الفعل المضارع في قوله: وقد ينكّر.
والدليل على ضعفه: أن العلم إنما وضع لشيء بعينه غير متناول ما أشبهه؛ فإذا نكرته فقد استعملته على خلاف ما وضع له، ووجهه أنه لما وضعه الواضع [1/ 201] لمسمى ثم وضعه آخر لمسمى آخر؛ صارت نسبته إلى الجميع بعد ذلك نسبة واحدة فأشبه رجلا. -